في حياة كل منا "أصدقاء" يبهجون وقتك.. وفي حياتي غادتي.. طفلة كبيرة.. قلبها لا يكفُّ عن الضخِّ.. ترحل قبل أن يرتد إليك طرفك، وتختفي لا تعرف أين هي! دائمًا أنتظرها، الوقت معها لحظة جميلة.. لكنها تبحث بين الوجوه في هلع، ولا تتعب عن البحث عن فقدان التواصل بين البشر.. أقلق عليها عندما تغيب لكنها قد تكون وجدت ضالتها بين الطرقات، أو تاهت في هذا الزمن. تصطاد العبارة الفطنة اللّماحة التي تدخل القلب من دون استئذان بعد أن تفيض لك بما في صدرها بتهاوٍ كمن يفتح مغارة صدرها عن انتفاض الموج، وخرائب الزمان.. ومثلما تساهم الرعود في تفجر الينابيع لتغدو أنهارًا تمضي نحو مصبّها الأخير، تساهم تلك الغادة بالرعود الإنسانية والرجفات العاطفية في تفجّر أذهان البشر بأفكارها. تعلق قائلة إن التواصل التقني الحديث أفقدنا التواصل الاجتماعي، حوّلنا إلى بشر مشوّشين، أفقدنا الأمل في أن يُعاد صفاؤنا الذهني. أصبحنا نتألم من أشياء أصغر منا، نحمل همًّا ثقيلاً، ووجعًا في الروح، وكآبة بحجم التلال.. أصبحت كل الطرقات تؤدّي للتواصل عن طريق تلك الأجهزة التي نحملها بين أيدينا، وتجاورنا حتى في منامنا.. تلتقي أجسادنا لكنها خالية من أرواحنا، نتبادل النظرات وأعيننا مبحلقة في تلك الأجهزة التي بحوزتنا، وفقدنا لغة العيون. أدركنا أن مجالنا الاجتماعي أصبح ملوثًا، وأن كمية الهواء التي تحيط بنا بها أبخرة سامة من قلة التواصل الحميم.. نعيش وحدة قاسية ساكنة سكون مقبرة، كحيوان مطمور في كهف.. تشرق الشمس فلا نشعر بها، وتغرب دون أن ننظر إليها. عندما تتحدث غادتي يشحب وجهها، أنفاسها تتلاحق وتخرج زفرات ذات صوت بحزن، وهو تشرح لي كمية الإحباط من فقدان التواصل الاجتماعي في حياتنا. كنت أستمع لصوتها المكتوم الخارج من فمها كشخص ما زال تحت تأثير المخدر، وبعد أن توقف حوارنا.. علقت قائلة: نعم فقدنا الكثير مع التقنية التواصل، وكسبنا الكثير منها يا غادتي. [email protected]