يمكنني القول إنّ لي مع الزميل العزيز أحمد العرفج قصّتيْن صغيرتيْن عن مدينتي.. محبوبتي.. معشوقتي.. جِدّة!. القصّة الأولى هي دعوتي المستمرّة له للتراجع عن تسمية جِدّة بضمّ الجيم، وتسميتها كما هو شائع الآن، أي بكسْر الجيم، بغضّ النظر عن المعارك الأدبية في السابق على تشكيل حرف الجيم، بين الرحّالة والمؤرّخين والأدباء، أمثال ابن بطّوطة وياقوت الحموي وعبدالقدّوس الأنصاري وحمد الجاسر وعبدالله الجفري، ممّن يقول بعضهم أنها بالكسْر نسبةً إلى شيخ قبيلة قُضاعة الذي استوطنها قديمًا، أو بالفتْح نسبةً لأمّنا حواء التي يُقال إنها مدفونةً فيها، أو بالضمّ الذي يجعل معنى كلمة جِدّة شاطئًا للبحر، فباعتقادي أنّ المدن بما اعتاد أهلُها على تسميتها بها، وهذا الاعتياد هو أشبه بانتخابات حرّة واستطلاع رأي نزيه، وقد فاز بهما كسْر الجيم، مُكتسحًا كلّ المنافسين، فدع عنك الديكتاتورية يا أحمد، واجعل الديمقراطية لك منهجًا وسبيلاً!. والقصّة الثانية هي قوله عنّي في برنامج "يا هلا بالعرفج" في قناة روتانا خليجية مع الإعلامي علي العليّاني، أنني أُكْثِر من كتاباتي عن جدّة، وأنّ هذا من سلبياتي ككاتب، وأنا أُقِرّ بهذه الكثرة، لكني لا أُقِرّ أنها سلبية، فالكتابة الكثيرة عن سلبيات جدّة إيجابية، فضلاً عن عدم تقصيري مع المدن الأخرى، وشمولية الكاتب مطلوبة، والوطن ليس جِدّة فقط، وجِدّة التي في غرب الوطن هي في عيني مثل الدمّام في الشرق، وعرعر في الشمال، وجازان في الجنوب، ناهيك عن العاصمة الرياض في الوسط، وغيرها من المدن، كلّها سواء بميزان قلمي المتواضع، كتبْتُ عن همومها، ولن أبخل بقطرة مداد عن الكتابة عنها حاضرًا ومستقبلاً، لآخر نبضة من نبضات قلبي المُتيّم بالوطن!. كما أنه ليس من العيْب أن يُكْثِر المرء من الكتابة عن شيء، ويتبحّر ويُسْهِب ويتعمّق فيه، فها هو نزار قبّاني يُكثر من الشعر عن المرأة، حتى لُقٍّب بشاعر المرأة، أليست المرأة تستحق تلكم الكثرة؟ وجدّة مثل البرنامج الألماني التلفزيوني القديم الذي كان يبثّ مختلف المسابقات الرياضية، واسمه "في البرّ والجوّ والبحر"، وكذلك جِدّة، فيها من الهموم ما فيها، في البرّ والجوّ والبحر، بل وتزيد على البرنامج في همومها التي تحت الثرى، وكلّ همّ يستحقّ من الكتابة قِسْطًا كبيرًا منها، بهدف عودة جِدّة عروسًا للبحر كما كانت، بحول الله!. وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وقبل أن تسكت عن الكلام المباح، تمنّت أن يستبدل العرفج لقبه الإعلامي الذي أطلقه على نفسه، من "عامل المعرفة" إلى "خادم المعرفة"، فهو أحد سادات المعرفة، وخادم المعرفة سيّدها لا عاملها!. @T_algashgari [email protected]