إذا كان من لا يشكر الناس لا يشكر الله، فما بالكم بمن لا يشكر الناس القائمين على خدمة حُجّاج بيت الله؟ إنه بالتأكيد لا يشكر الله، ربّ هذا البيت العظيم!. أنا هنا أرفع "شماغي" الجديد، الذي لبستُه في العيد، شْكْراً للهيئة العليا لمراقبة نقل الحُجّاج، التي يرأسها أمير منطقة مكّة المكرّمة، الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز، ويشغل منصب أمينها العام الدكتور صلاح صقر، بينما يرأس لجنتها في جدّة الرائد الشاب النشط والخلوق، أحمد السمراني، فقد اطلعتُ عن كثب على أعمالها النبيلة، التي لا تنتهي إلّا في آخر شهر محرّم، مع مغادرة آخر حاج لبلاده مُعزّزاً مُكرّماً!. رأيت الهيئةَ مُبدعةً، ليس في المراقبة فقط، بل في الإشراف الاحترافي على شركات النقل، وقد عمِلَت على إضفاء كثيرٍ من التحضّر والإنسانية على النقل، وتحويله لمُتعة للحاج، يروي حكايتها في بلده، ويدعو لمن سهّل نقله!. رأيتها تُراقب وتُشرف على خطط نقل الحُجّاج بطرق علمية يمكن تدريسها في الجامعات، على 24 ألف حافلة تقريباً، وهو عدد هائل، ومع ذلك تنجح باقتدار، ابتداءً من فحص الحافلات، وصيانتها، ونظافتها، قبل بدء موسم الحجّ للتأكد من جاهزيتها، وتواجدها على أهبة الاستعداد في صالات الحُجّاج قبل وصول رحلاتهم بفترة كافية، وعمل دورات للسائقين لتطويرهم على الأداء المتقن، وتزويد الحافلات بكلّ ما يحتاجه الحاج من طعام وشراب خلال الرحلات، حتى أنها لم تنسَ تزويد الحافلات بلوحات إرشادية تمنع بها عادة "البخشيش" السيئة بلغات الحُجّاج المختلفة منعاً لاستغلالهم، فضلاً عن تجهيز ورش متحرّكة مُجهّزة بكامل معدّات الإصلاح لمباشرة أي أعطال مفاجئة، فإذا حصل عطل تستدعيها فورياً بهواتف لاسلكي في أي وقت خلال ال 24 ساعة، مع تهيئة مراكز كُبرى فيها حافلات بديلة، وفنيين، وعُمّال لنقل الأمتعة، كما تُوفّر دوريات مرور متحرّك على امتداد طرق الحافلات لمتابعة أي طارئ، تُذكّرني بدوريات المرور في الطرق العابرة للولايات المتحدة في أمريكا. باختصار: إنّ الهيئة تعامِل كل حافلة نقل حُجّاج مثل كتابٍ نفيس، تُغلّفه بالعناية الكاملة، وتُعامل صفحاته وحروفه بدلال واحترام، فشكراً مُكرّراً ضمن باقة من الورد لهيئتنا العزيزة!. وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وقبل أن تسكت عن الكلام المباح، بعثت لي برسالة واتس آب، تقول فيها إنّ جهاتنا الرقابية الأخرى مدعوّة للإبداع الرقابي كالذي تملكه هذه الهيئة، ولتقديم مفهوم آخر للرقابة هو التعاون البنّاء بين المُراقِب (بكسر القاف) والمُراقب (بفتح القاف)، والهيئة تعمل في هدوء، وتُنجِز بلا صخب، ترجو ما عند الله، وتؤدّي رسالتها التي أقسمت على تأديتها لأميرها المخلص بِجِدّ واجتهاد!. @T_algashgari [email protected]