منذ فترة طويلة، وعقود زراعة شوارع جدّة تتقاولها نفس الشركات تقريبًا، فماذا يجري؟ ألا يوجد في البلد إلاّ هالولد؟! ربّما تكون هذه الشركات هي صاحبة العطاء الأقل لمقاولات الزراعة، وإلاّ ما اختارتها الأمانة العزيزة لهذه المهمّة! عمومًا، أنا لا توجد لديّ مشكلة في احتكار هذه الشركات لعقود الزراعة، لكن لديّ سؤال بريء هو: هل نجحت زراعة شوارع جدّة على أيدي الشركات؟ كأحد أبناء وسُكّان جدّة، وكمُحِبّ وعاشق لها، وكمُطّلع عن كثب (حلوة هذه عن كثب، أكيد ستُعْجِب أحمد العرفج)، على حال زراعة جدّة، أجيب ب(لا) كبيرة، فمفهومي لنجاح الزراعة في المدن هو تعمير مزروعاتها أمدًا طويلًا، وتحويلها رموزًا للمدن! خذوا الأشجار كمثال، فكلّ مدينة في الدول المتقدّمة لها رموزها الخاصّة من الأشجار، ممّا تناسب بيئتها الطبيعية والعمرانية، كما تُعمِّر لعشرات السنين! لكن ما يحدث في جدّة هو التغيير المستمرّ للأشجار، من النيم، إلى الفيكاس، إلى الواشنطونيا، إلى النخيل، إلخ... إلخ... إلخ، مرّة بهذا الترتيب، ومرّة بعكسه، وكثيرٌ من الأشجار تفشل زراعتها، فتمرض منحنية الجذوع وتموت مقهورة، أو تنمو قزمة ومشوّهة، بل حتى الأشجار التي تنجح زراعتها تُغيّر حال بُسُوقِها بضع أمتار في السماء، ممّا يرجّح أنّ تغيير الأشجار من فترة صغنّونة إلى أخرى هو الهدف! ولو قارنتم جدّة بمدينة أرامكو السكنية في الظهران، والتي تتشابه معها في مناخها ووفرة ميزانيتها، لوجدتم في هذه الأخيرة أشجارًا رائعة ومُعمِّرة، ممّا زرعها الأمريكيون العاملون في الشركة خلال القرن الماضي، ويكفي هذا كدليل دامغ على عكّ الزراعة في جدّة، طبعًا باستثناء زراعة بعض الشوارع الراقية والVIP التي نُفّذت وحدها جيدًا، وزُيّنت حتى بالزهور والورود، ويا بخت من يجاور السعيد، أكيد سيُسْعَد! لن أتساءل: أين الأمانة عن هذا العكّ الزراعي؟ أو كيف ولماذا رضيت به؟ بل سأتساءل أنه طالما امتلكت الأمانة مشاتل، فلماذا لا تُوظّف الشباب السعودي بعد تأهيلهم في تنسيق وزراعة شوارع المدن (Landscaping) لتضرب ثلاثة عصافير بحجر واحد: المساهمة في مكافحة البطالة.. تحسين زراعة جدّة.. وتوفير قيمة العقود الكبيرة للشركات التي لا همّ لها سوى الربح المادي، ثمّ استغلال المال المتوفّر في توضيب أجزاء جدّة الأخرى ممّا تحتاج لتوضيب كامل كما تحتاجه السيارة القديمة التي تعرّضت لأعطال وحوادث وصدمات كثيرة! [email protected] @T_algashgari [email protected]