ادعى مطرب خليجي مشهور أنه أفضل من الفنان الراحل عبدالحليم حافظ الذي كان يُلقب ب"العندليب الأسمر" .. والذي فاقت جماهيريته ومحبته كثيراً من مطربي عصره وتميز بذكاء أهَّلَه لأن يتبوأ المكان والمكانة وأن يحظى بحب جماهيره وإعجابهم. وقد برر الفنان الخليجي الكبير سبب تفوقه بأن عبدالحليم كان يغني فقط، بينما أنه هو (أي الفنان الخليجي) يُغني ويُلحن أيضاً! *** هذه المقارنة فيها "جليطة" لا معنى لها ولا مكان .. فعبدالحليم رغم أنه رحل إلا أن أغانيه ما زالت منتشرة يغنيها حتى كبار مطربي اليوم، وألبومات أغانيه مازالت تحافظ على القمة رغم مرور ما يقارب 40 عاماً على رحيله. وقد حزنت على تعريض الفنان الخليجي الكبير بقامة فنية عظيمة واعتبرتها سقطة جديدة من سقطاته المتكررة التي اعتاد عليها دون ما سبب إلا ربما انحسار الأضواء عنه فأراد إثارة زوبعة حوله تخرجه للضوء. *** ما فات يستدعي أمامي مثالاً آخر لصورة أو (بوستر) ترويجي ظهرت فيه إحدى المطربات الخليجيات المشهورات وفي خلفيتها صورة لسيدة الغناء العربي أم كلثوم وقد كتب على الصورة "لكل زمان كوكب". في الحقيقة أن الصورة استفزتني لمقارنة الفنانة نفسها بأم كلثوم من جهة، وبتتويجها نفسها على أنها كوكب هذا الزمان، فكتبت معلقاً على صفحتي في الفيس بوك قائلاً: "لكل زمان كوكب يرقى الفن فيه والإعلام فلما الزمان تكركب وظهرت فيه (ا ... لام)"!! *** الحالتان السابقتان تظهران -في رأيي- حالة مرضية يعاني منها بعض الشخصيات المشهورة، وهو أمر يتشارك فيه حتى بعض الكُتاب بشكل مباشر حيناً وغير مباشر أحياناً أخرى، وقد يصل ببعض هؤلاء لمرحلة النرجسية التي قد تصل به إلى الهوس .. أو تدمير النفس. *** والنرجسية Narcissistic تعني حب النفس، وهو اضطراب في الشخصية حيث تتميز بالغرور، والتعالي، والشعور بالأهمية ومحاولة الكسب ولو على حساب الآخرين. وهذه الكلمة نسبة إلى أسطورة يونانية، ورد فيها أن (نركسوس) كان آية في الجمال وقد عشق نفسه حتى أصبح يتأملها يومياً في مياه بحيرة يناجي فيها صورته المنعكسة على الماء حتى انزلقت قدمه ذات يوم فغرق في البحيرة .. ومات! ونبتت مكان غرقه زهرة عُرفت باسمه (زهرة النرجس)، وسميت هذه الظاهرة بالنرجسية. *** ورغم أن معظم الأفراد لديهم بعض الصفات النرجسية، فإنه يمكن لمستويات عالية من النرجسية أن تعبر عن نفسها في شكل من المرض واضطراب الشخصية النرجسية، حيث يغالي المريض بقدراته وتكون لديه حاجة مفرطة للإعجاب والتأكيد. ويعاني بعض النرجسيين من صعوبة في الدخول بالعلاقات العاطفية مع الجنس الآخر. *** علينا أن نعترف أخيراً أن النظرة إلى الفن، هي نظرة نسبية، من الصعب تحديدها أو تعريفها، لأنها تعتمد على الأذواق التي تحركها العواطف، لكن هذا لا يمنع من الاعتراف أيضا بأننا اليوم نعيش عصر فوضى الفنون، فالموسيقى تحولت إلى زمر وطبل وإيقاع صاخب يصاحبه غناء، يعتمد الكلمات السطحية تنفّذّها مغنيات يستعنّ بأجسادهن المثيرة لا بحناجرهن! ... .. أما في مجال الكتابة، فحدّث ولا حرج، فالمقالات الأكثر رواجاً، هي المقالات الخفيفة التي تُسلي القراء أكثر من أن تُقدم له التحليل أو المعلومة. فهو زمن تجد فيه لشعبان عبدالرحيم .."شعبولا" من المعجبين ما يفوق ما يحظى به الفنان هاني شاكر، حتى لو لم يدَّعِ "شعبولا" أنه الأفضل! نافذة صغيرة: [[هييييييه .........]] !!! [email protected]