حين يقف الرئيس الأمريكي باراك أوباما ويُعلن أن واشنطن تدعم حق إسرائيل بالدفاع عن النفس، فإنه يتجاهل بهذا الموقف كل الإجرام الذي ترتكبه إسرائيل ليس فقط في حربها الأخيرة على غزة بل وفي عدوانها المستمر على الشعب الفلسطيني. فالقتل والتنكيل الإسرائيلي بالشعب الفلسطيني أمر معتاد يتعايش معه كل قطاعات الشعب الفلسطيني. فهو عدوان ممنهج تتخذ له إسرائيل كافة الذرائع لاستفزاز القوى والتيارات السياسية الفلسطينية. ولم يقتصر الأمر على العدوان على غزة ولكن حتى الضفة الغربية لم تسلم من عدوان على كرامة المواطن الفلسطيني لإشعاره بأنه لا يستطيع العيش دون القبول والرضوخ لكل الشروط الإسرائيلية فإما الموت والإذعان .. أو المقاومة والموت استشهاداً. فالهدف هو الإنسان الفلسطيني أولاً وأخيراً. *** هذا القتل الجماعي للفلسطينيين دعا إليه أكثر من مسؤول إسرائيلي، فنائب سابق في الكنيست يريد أن يحول رمضان إلى شهر للظلام؛ وحاخامات يهود يقومون بالتحريض على الهجمات، أما أبرز هذه الدعوات فقد أطلقتها عضو الكنيست الاسرائيلي إيليت شاكيد والتي جاء فيها: "وراء كل إرهابي يقف عشرات من الرجال والنساء، دون أن يتمكن منهم عدم الانخراط في الإرهاب. انهم جميعا مقاتلون أعداء، ويجب أن يكون دمهم على جميع رؤوسهم. الآن وهذا يشمل أيضا أمهات القتلى، اللواتي يرسلنهم للجحيم بالورود والقبلات. ينبغي أن نتتبع أبناءهن، يمكن أن يكون الشيء الأكثر عدلا. يجب أن يموتوا، كما ينبغي هدم المنازل التي تخرج منها الثعابين، وإلا سيتم خروج ثعابين أكثر من هناك. " ؟! *** لم يكن من باب الخطأ إذن استهداف القوات الإسرائيلية المدنيين خلال حرب غزة حيث نقل التلفزيون الفرنسي استهداف الطيران الإسرائيلي أطفالاً كانوا يلعبون كرة القدم على شاطئ غزة، فاستشهد أربعة أطفال وأصيب زملاؤهم بجروح خطيرة. فاستهداف الأطفال أصبح سياسة إسرائيلية من الصعب إخفاؤها، فهم مقاومو المستقبل الذين تخشاهم إسرائيل بعد أن تربوا تحت القصف والاحتلال ولقنهم آباؤهم معنى الكرامة وعدم التفريط في تراب الوطن، وقبل هذا تعايشوا مع فكر المقاومة وشهدوا كيف يسقط على أرضهم الشهيد تلو الشهيد دون أن يهز ذلك من قواهم وإيمانهم بأن الوطن يمر من فوهة بندقية المقاتل، وحجر المنتفض، ومقاومة الفتى الفلسطيني دون هوادة حتى استرجاع الأرض .. أو الشهادة، *** ولم يكن غريباً أيضا أن يُشكل المدنيون النسبة الكبرى بين القتلى الذين قدر الناطق باسم وزارة الصحة في غزة وصول عددهم (السبت 19/7) إلى 311 بينهم 72 طفلا تقل أعمارهم عن 18 عاما و24 امرأة و18 مسناً فيما وصلت حصيلة الجرحى إلى 2268 من بينهم 657 طفلا و408 امرأة و98 مسناً. لكن هذا كله لم يثنِ كاتباً إسرائيلياً على التبجح بأن "عدد القتلى في كلا طرفي أي صراع، لم يكن يوما معياراً لتحديد صحة أو مصداقية الهدف". فمثل هؤلاء الفاشيين يرون أن ما يفعلونه صح وأخلاقي. ولا غرابة فقد تربى هؤلاء في حياتهم ومناهجهم الدراسية ووسائل اعلامهم على الحقد والكراهية. هذا الحقد الذي لم يجد فيه الجيش الإسرائيلي أي حرج بقصف البيوت في قطاع غزة وتدميرها على رؤوس ساكنيها من الأطفال والنساء والشيوخ، فالجيش ينفذ سياسة مرسومة. لكن الغرابة هنا هي أن يجد أصحاب هذا النهج دعماً أمريكيا وأوروبياً يغذي مثل هذا الشعور البشع. نافذة صغيرة: [[نحن المذنبون. نحن فقط. اليهود في اسرائيل مع اخوانهم في المنفى، اولئك الذين يغمضون عيونهم على مشاهد رهيبة، يغلقون آذانهم لسماع هتافات الموت المخيفة، يستوعبون التحريض تجاه الفلسطينيين ويرون في الانتقاد الذاتي دليل ضعف ان لم يكن خيانة.]] جيمي شليف – صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية [email protected]