عندما أتجوّل بسيارتي هذه الأيام في شوارع جدة، أشعر بسعادة بالغة تجعلني أردد: ليت هذا من زمان، آمل أن لا تفهموا خطأ بأنني أقصد أن شوارع جدة اختفت منها الحفريات، أو هبوط الأسفلت، أو التحويلات، أو الزحام الشديد، أو مزاحمة الشاحنات الكبيرة للسيارات في الشوارع أبدًا، ولكن ما أقصده ما قامت به إدارة مرور جدة من وضع كاميرات ساهر عند الإشارات في معظم الشوارع فبهذه الخطوة الجميلة استطاعت أن تلزم كافة السائقين الالتزام بالنظام، وتحد من قطع الإشارات بنسبة عالية جدة، وليتها تفعل في كافة الشوارع فقد أحسنت صنعًا. فالملاحظ على سائقي السيارات عندما يفرض النظام عليهم فإنهم يحترمونه ويطبقونه؛ لدرجة أنك عندما تقف عند الإشارة لا تجد أحدًا يقف على خط المشاة، وهذه بادرة جميلة أتمنى أن نراها في كافة الشوارع التي لا يغطيها ساهر، ولكن المستغرب أن المشاة لا يلتزمون بالعبور على هذه الخطوط، بل تجدهم يعبرون الشارع من بين السيارات على الرغم من مخاطر ذلك في حال أضيئت الإشارة، وهو لايزال بين السيارات، فليت المشاة أيضًا يلتزمون بالنظام ويحترمونه. استخدام ساهر داخل المدينة بعد استخدامه في الطرق السريعة أمر إيجابي جدًّا، فقد حدّ من قطع الإشارات، ووقوع الحوادث داخل المدن إذا ما علمنا أن المملكة في عام 2013م كانت الأولى عالميًّا في حوادث المرور، فقد بلغ معدل الوفيات في حوادث الطرق سبعة عشر شخصًا يوميًّا، وعدد المصابين أكثر من 68 ألف شخصًا سنويًّا، وبلغت الخسائر المادية 13 مليار ريال، وبلغ ارتفاع عدد الضحايا في العقدين الماضيين أكثر من 86 ألف شخص، إنها إحصائية مفجعة. وأن أكثر الحوادث تقع بسبب أخطاء العنصر البشري وخاصة السرعة، إضافةً إلى قطع الإشارة، وقيادة غير المؤهلين للقيادة، واستخدام المركبات لغير ما أُعدت له مثل التفحيط، كما أن ارتفاع إصابات الحوادث يستنزف الجهود الصحية ويشغل ثلث الطاقة الاستيعابية للمستشفيات الحكومية، ويتسبب في أزمة الأسرّة في المستشفيات، حيث إن نسبة الأسرّة المشغولة بمصابي الحوادث تبلغ 30 من كل 100 سرير. بعد هذا كله ألا ترون أني محق في ترحيبي بساهر، فهو خطوة في الاتجاه الصحيح في الحد من الحوادث المرورية، ولترحبوا معي ولتكن كاميراته في كل شوارع بلادي.