قال تعالى: «أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ» سورة البقرة (77). ما أجمل أن يجعل المرء سريرته طهرا، وتصرفاته موصوفة بالصدق والوفاء! وما أجمل أن يتحلّى بهما المرء في سائر تصرفاته ويجعل أمام عينيه مراقبة رب الأرض والسماء، فيفكر قبل تلفظه، ويصدق عند مقولته، ويفي بما تلفَّظ به، ويعلم أن له ربًا يعلم سريرته وعلانيته، فإن أيقنَّا بذلك نكون أئمةَ يُهدى بنا، ألا نريد أن نتَّسم بالصبر لنُحقِّق الغاية المرجوة؛ لكن قد ينسى بعضنا نفسه، أو قد يتناسى فيتعامل مع الآخرين محاولًا خداعهم معتمدًا على فصاحة لسانه وخداع نظراته، ظنًَّا منه أنه بذلك عبقري الفكر، ماهر التَّلون، ونسى أن حقيقة أمره سوف تنكشف ولو بعد حين، فعلينا أن نُعرض عن هؤلاء، لأنهم مرضى الصُّدور، وعندها سيجنون أشواك مكرهم، وعلقم غشِّهم، ومرارة سوء نيتهم؛ لأنهم لو كان لهم عقول بها يمكرون، للناس عقول... والله -تبارك وتعالى- خير الماكرين، فتراهم يتكلمون بفصيح الكلمات وجميل العبارات، ثم بعد أن ينفضَّ المجلس يتنصَّلون من كل التزاماتهم وكأن شيئًا لم يحدث!! هل قد نسيت أيها المتنكّر أن عليك رقيبًا وعتيدًا يسطِّران كل لفظ قد خرج من لسانك؟ هل تجاهلت وغفلتَ أن لك ربًَّا يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور؟ ما زلتُ أتساءل لماذا لا تلتزمون في القول والعمل؟ أليس هذا الالتزام قد أقسم على الوفاء به؟.. ألستم قد أشهدتم غيركم على ما تلفَّظتم به؟ بلى قد سمعته آذان صغت، وأعين رأت، وعقول فهمت أن ما تلفظَّتم به تعهدٌ ووعدٌ.. أليس هذا ربطًا للشرفاء وقيدًا لمن يدَّعون الأصالة؟! أما علمتم أن الوفاء بالتزاماتكم فيه زيادة لإيمانكم وقوة لقلوبكم؛ وجلاء لما بها من صدى المواقف؟!. إن من الضروري أن نقف عند كل ما تفرزه أهواؤنا، فقد لا يقبل به عقل؛ لأن ما تفرزه الأهواء من رأي أو نظرة أو فكر أو قرار قد يكون صائبًا، وقد يكون خاطئًا، فلنبعد عن الأهواء الملوثة المنكرة. وللحديث بقية. رئيس مجلس إدارة مجموعة بن محفوظ للتنمية والاستثمار