على الرغم من الأحداث الملتهبة التي تشهدها مصر هذه الأيام، إلا أن العرس الثقافي ممثلًا في معرض القاهرة للكتاب في دورته ال(45) أخذ منحى آخر عبر الحضور الجماهيري المكثف، ومشاركة النخبة من المفكرين والكتاب والمثقفين العرب والمصريين في تحد واضح للعنف. ويعد معرض هذا العام الأفضل من حيث التنظيم، حيث تم تزويد مداخل البوابات بأجهزة إنذار للكشف عن وجود أي أجسام غريبة، في ظل ما حدث من تفجيرات في الأيام الماضية، مع تشديد رئيس هيئة الكتاب الدكتور أحمد مجاهد باستمرار فعاليات المعرض دون توقف، وهو ما أكد عليه وزير الثقافة المصري صابر عرب للصحفيين حينما سئل ما إذا كانت هناك محاولات لإفشال المعرض هذا العام، فقال: إن رسالة مصر إلى العالم الخارجي تؤكد أنها مع الإعلام الحر على الرغم من أن جزءا من المشهد يحاول فيه البعض التسويق للحالة المصرية على نحو مغاير للحقيقة لتحقيق أغراض ومصالح تبتعد عن المصالح الوطنية المصرية. موضحًا أن إصرار مصر على إقامة الدورة ونجاحها يستهدف تأكيد أن مشروع مصر الأكبر هو الثقافة، وأن محاولات البعض التقليل من دور مصر الثقافي لن تنجح. وشهد الجناح السعودي إقبالا لافتًا من حيث التنظيم والعرض والمشاركة الفاعلة لمعظم المؤسسات الفكرية والثقافية السعودية، حيث شاركت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، كما حضرت جامعة الملك فيصل بقوة من خلال إصداراتها في تخصصات الطب البشرى والبيطري والزراعة والأدب والتاريخ والجغرافيا، وشاركت دار مناهج العالمية للنشر ب(241) عنوانًا من أحدث الإصدارات والمنتجات المصاغة بأفضل الأساليب والطرق لتعليم التربية واللغة العربية لغير الناطقين بها، وكذلك المواد التعليمية المصاحبة لها لتعليم الأطفال. كما حضرت بشكل مكثف دور النشر الأهلية والحكومية السعودية من خلال مضاعفة عدد العناوين المخصصة للعرض والبيع التي تزيد على 600 عنوان مختلف هي ثمرة المفكرين والمبدعين وما أخرجته المطابع السعودية من إصدارات جادة المضمون جديدة الشكل جيدة الطباعة إلى أقصى حد ومنها «المملكة تاريخ وحضارة»، وهو كتاب أصغر مرافق للمغفور له الملك عبدالعزيز» والذى يروي فيه علاقته ومواقفه وذكرياته مع الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، وهناك كتاب قيم يتناول «حضارة المملكة العربية السعودية» عبر القرون وتاريخها العريق. واعتبر الدكتور خالد بن محمد الوهيبى الملحق الثقافي السعودي في القاهرة أن مشاركة المملكة هذا العام هى أكبر مشاركة عربية ودولية، وهي تمثل تظاهرة ثقافية كبرى للكتاب السعودي سواء ما تفرزه الجامعات أم ما تساهم بنشره دور النشر الأهلية. مؤكدًا أن الاهتمام بمعارض الكتاب هو ثقافة أصيلة لدى المملكة ، لما تمثله من اهتمام كبير بالمبدعين السعوديين وإخوانهم العرب، والرعاية الكريمة لهم لإنتاج الممتع والمفيد من الفكر المستنير والعلم والمعرفة.. ولعل كل هذه الأبعاد نجدها محتشدة فى معرض الرياض الدولي للكتاب الذي أصبح علامة حضارية في الثقافة السعودية منذ عدة سنوات. وبالرغم من وجود زوار كثر للمعرض إلا أن الإقبال على الكتاب لم يعد كما كان في السابق، وهو ما اشتكى منه أصحاب دور النشر نظرًا للظروف الاقتصادية للمواطنين، وأصبح الإقبال الأكثر على الكتب المدمجة لرخص سعرها. وبالمقابل شهد المعرض إقبالاً كبيرًا على سور الأزبكية حيث الكتب التراثية القديمة والأعمال الإبداعية بأسعار أرخص من دور النشر.