شددت المملكة العربية السعودية، على أهمية انتقال مجلس التعاون لدول الخليج العربية من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، التي باتت ضرورة ملحة تفرضها التغيرات الأمنية والسياسية والاقتصادية، بهدف الحفاظ على منظومة مجلس التعاون والحفاظ على المكتسبات التي حققتها دول المجلس منذ إنشاؤه. جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها أمس السبت وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور نزار بن عبيد مدني، الذي يرأس وفد المملكة إلى منتدى الأمن الإقليمي التاسع «حوار المنامة» الذي تستضيفه مملكة البحرين خلال الفترة من 6 إلى 8 ديسمبر الجاري، وقال مدني إن الدعوة إلى انتقال مجلس التعاون من مرحلة التنسيق والتعاون إلى مرحلة التكامل والوحدة الكاملة لم تعد ترفًًاً وإنما باتت ضرورة ملحة تفرضها الأهمية الكبيرة لمنطقة الخليج العربي من النواحي الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية التي جلبت لدولها الكثير من المخاطر والمشكلات، وهو ما يفرض على دول مجلس التعاون الخليجي السعي نحو التكامل والاتحاد بهدف الحفاظ على المكتسبات والمنجزات ودرء المخاطر والتهديدات. وأضاف إن المرحلة الراهنة تتطلب من دول مجلس التعاون الخليجي إعادة تصحيح هوية المجلس لتكون قائمة على أساس التوافق في الرؤى مع التأكيد على المصير الخليجي المشترك وتغليب المصلحة الجماعية لدول المجلس. وأوضح وزير الدولة للشؤون الخارجية أن دول مجلس التعاون الخليجي شهدت في الآونة الأخيرة ارتفاعًا في مستوى التهديدات التي تتعرض لها على مستوى المنطقة، وهو ما يعد حافزًا لدول المجلس لتبنى صيغ جديدة لمواجهة هذه التهديدات. ودعا الدكتور مدني دول مجلس التعاون إلى أن تعمل على المشاركة بنحو فعال في شؤون منطقة الخليج وأوضاعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأن تعمل على جعل منطقة الخليج العربي منطقة قوة إستراتيجية كبرى، مشددًا على أن أهمية منطقة الخليج العربي تفرض على دول مجلس التعاون ضرورة الحذر واليقظة في التعامل مع التدخلات من خارج المنطقة، وذلك للحفاظ على المنجزات والمكتسبات التي حققتها على مر السنوات. كما دعا دول مجلس التعاون إلى التوصل إلى تفاهمات مشتركة بأهمية الاتفاق على إطار موحد للتعامل مع التحديات والتهديدات والمخاطر المحدقة بدول المجلس، معربًا عن اعتقاده بأن هذا لن يتحقق إلا بالانتقال من مرحلة التعاون إلى التكامل والاتحاد الخليجي كإطار موحد يجمع دول المجلس. وأفاد أن الهدف الأساس عند تأسيس مجلس التعاون كان وصول المجلس إلى مرحلة الوحدة الكاملة، مبينًا أن العالم المعاصر يحتم على دولنا الوحدة لمواجهة التحديات في هذه المرحلة وتوحيد الصفوف بالارتقاء بالعلاقات من مرحلة التنسيق والتعاون إلى مرحلة التكامل والوحدة. وحول العلاقات مع إيران في ضوء التفاهمات الأخيرة مع المجتمع الدولي، قال وزير الدولة للشؤون الخارجية إن دول مجلس التعاون أبدت استعدادًا لفتح قنوات التواصل مع الجارة إيران وسيستمر هذا النهج من منطلق حرصنا على تحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة. وتابع أنه إذا أردنا دعم ما تتطلع إليه دول المنطقة من أمن واستقرار ورفاه للجميع، يجب أن تواكب توجهات دول مجلس التعاون خطوات ملموسة لتحسين العلاقات من جانب الجارة إيران، مشيرًا إلى أن ما أبداه الجانب الإيراني في الآونة الأخيرة من أطروحات جديدة يمكن أن تكون بادرة لتحسين العلاقات إذا ما خلصت النوايا وتطابقت الأفعال مع الأقوال، مشددًا على أن ذلك يتوقف على ضرورة اقتناع الجانب الإيراني بأن أهل منطقة الخليج العربي أدرى بشعابها، وأن تقوم العلاقات على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبلداننا. وقال إن الاتفاق الذي نجم عن اجتماع (5+1) بجنيف مؤخرًا بين الأطراف الدولية وإيران هو اتفاق مؤقت ومرتبط بفترة محددة وننتظر ما سيسفر عنه من نتائج، مبينًا أنه إذا تحول هذا التفاهم إلى اتفاق نهائي يحول دون حصول أي دولة في المنطقة على أسلحة الدمار الشامل فهذا يصب في مصلحة المنطقة بأسرها ويتوافق مع أطروحات وتطلعات المملكة العربية السعودية نحو الحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها . إلى ذلك، قال وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي، إن بلاده لن تنضم إلى الاتحاد الخليجي في حال قيامه. وأشار الوزير في تصريحات لصحيفة الأيام البحرينية أمس السبت، أن بلاده لديها تحفظات سياسية واقتصادية وعسكرية، لافتاً إلى عدم الحاجة لتوسعة قوات درع الجزيرة، باعتبار أن المنطقة ليست بحالة حرب حسب تعبيره. جاءت تصريحات بن علوي على هامش مشاركته في منتدى الأمن الإقليمى الذي يعقد في العاصمة البحرينية المنامة. وحول تحفظات عمان على قوات درع الجزيرة قال العلوي «دعني أقولها لك، لقد شهدت منطقتنا تهديدات طيلة القرن السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر، قبل النفط ونحن نواجه تهديدات وتحديات كثيرة، وبعد النفط اهتم الغرب بمنطقتنا وأصبح له مصالح في منطقتنا وهو الآن ملتزم بأمن المنطقة، وعندما غزا صدام حسين الكويت تدخلت القوات الغربية على الفور وعلى هذا الأساس سيبقي التعامل مع التهديدات العسكرية مسئولية غربية لأن لديهم مصالحهم هنا، أقولها بصراحة لسنا على استعداد عسكري لمواجهة جيراننا». وأكد الوزير العماني أن بلاده لن تنضم إلى العملة الموحدة الخليجية حيث ترى أن هناك حاجة لاستقرار اقتصادي شامل قبل الحديث عن عملة موحدة. وفيما يتعلق باتفاق 5+1 وموقف عمان قال بن علوي «نعم لدينا قلقنا كما لدى الجميع تساؤلاته حول هذه الاتفاقية بالتأكيد نريد ايضاحات حولها، وهذا ما يجب ان يتحقق».