عن سامية التي ترتدي الرداء الأبيض في بلادي أُحدّثكم، عن الطبيبة التي تحمل المشرط في يدها أُحدّثكم، هي سامية محمد العامودي المدير التنفيذي لمركز الشيخ محمد حسين العمودي للتميّز في رعاية سرطان الثدي التي كُرِّمت عالميًّا ومحليًّا. لم تكن هذه هي المرة الأولى التي أكتب فيها عن تلك الطبيبة الشجاعة الرائدة التي تستحق كل ثناء وتقدير. وعلى قدر ما يجذبك في عمل طبيبتنا؛ على قدر ما يُؤلمك وخز أحداثها، تستطعم مذاق الحزن والتعب في حياتها؛ ومعاناتها مع سرطان الثدي، سامية رائعة، عطاؤها كالحنان يُرفرف حولك كفراشة من نور رغم الألم الذي ينقر عشب روحها.. كَتَبَتْ تغريدة في توتير تقول فيها: (تعدّيت الخمسين "طبيبة"، واستقبلت على يديَّ آلاف منكم ويطلبون مني موافقة ولي أمري على سفري لحضور مؤتمر، ولى أمري "ابني" الذي أُنفق عليه). بنغمة حزينة تكتب أختنا سامية عن شعورها في التغريدة عندما طُلب منها إذن السفر من ابنها، وهو ما أشعرها كما لو كانت قاصراً، وإذن السفر أيها القارئ الكريم حِكر على المرأة، فيُؤذن لها مِن ولي أمرها بسفرها خارج الوطن. شَعرتُ بوخزات سريعة في صدري وارتفاع في درجة حرارتي عندما قرأت تغريدتها، هناك أسئلة تتناثر في ذهني: هل أنت سامية الطبيبة التي تمسكين المشرط في غرفة العمليات ونُسلِّمك المريض مُخدَّراً؟ هل أنت سامية التي صَدَرت موافقة مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على ترشيحك لعضوية الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان؟ هل أنت من أضاء البيت الأبيض في الولاياتالمتحدة بعَلَم بلادي باللون الأخضر لوجودك فيه، هل أنت الطبيبة التي كتبت عن رسالة حب ووجد وعشق يشرخ الضلوع ويفتت الأعصاب؛ وعرفتِ كيف تروّضي حروف سرطان الثدي.. إما فَقَدَت ذَاكرتي حدّتها وتوهّجها، وأصبح رأسي مع تَقدُّمي في السن لا يَقوى على حفظ تكريماتك وجوائزك ومشاركاتك الدولية؟! أُقدِّم اعتذاري لك يا طبيبتنا الغالية، سامحيني، عذري يقتل شهيتي في الكتابة، بل يُمزِّق حلقي وينقلني إلى واحاتٍ ضائعة.. أُردِّد مع نفسي كببَّغاء فَقَدَت ذَاكرتها: «إيه في أمل يا سامية يلغون الوصاية علينا.. فيه أمل يا سامية»؟!. [email protected]