توقفوا.....» أقولها صارخاً .. فيصمت الجميع من حولي بعد ضجيج رهيب ، مشهد أتخيله بين الفينة والأخرى ونحن نعيش حالة من «تمزيق الملابس» السائدة في وسائل الإعلام ، التواصل الإجتماعي ، والمجالس. فمنذ أن أسس لهذا المذهب العبد الفقير إلى ربه 'جورج بوش' إبن أبيه منذ 12 عشر عاماً قائلاً: «أنتم إما معنا أو ضدنا!» ، أعلن عن مذهب جديد.. تربته الإقصاء ، بلاطه الكره والبغض، وسقفه 'فكر القطب الواحد' . والقضية لم تعد مذهبية أو طائفية ، ولكنها غدت تدخل في صلب كل القضايا من حولنا ، والكل أصبح له رأي في كل شيء وأي شيء ، ولم تعد تسمع أحداً يقول لاأعلم ! لم أعد أستشهد بمقولة جميلة لأحد الأدباء أو الدعاة إلا وقفز علي المتلقي : «لم يبق إلا هذا الوغد ليعلمنا أمورنا !» أو «الرويبضة» .. والقائمة تطول ، فأصبحت أنسب كثيراً من الحكم والمواقف للمجهول ! تفادياً لتلك المهاترات والتفرعات. والتراشق اليومي بات يبعث على الإنزعاج ورب الكعبة ، ففيه تسفيه للكبار والقدوات ، محام معروف يصطف مع شيخ جليل في وجه برفيسور ومثقف ليكيل كلٌ تهمة للآخر ، وبدلاً من تفنيد الأفكار والحوار يصبح الأمر قمة في 'الشخصنة' . ولنا بين هؤلاء وهؤلاء أحباء وأصدقاء نحبهم ونحترمهم فنلتزم الصمت في قضايا الجدل 'البيزنطي' فإذ بنا نختار الوسط ونقع في مشكلة الوسطية بعيداً عن رؤية الأمور من جانب واحد وبلونٍ أبيض أو أسود ، فمن معضلات الحياد الإبتعاد .. فبه تبدو الأمور أوضح فيُظن بك أنك جبنت، وفيه فرصة دائماً للتراجع والتفاوض ، وهو بذلك يصطدم برؤية من يظنون أنهم يملكون الحقيقة وحدهم. ربما يكون هذا نتاج من نشأ في بيئة ترى أن التنوع يدعو إلى التفكير والتساؤل .. فالحيرة ، ففي «الاختيار قلق» كما يقول المثل الألماني ! و في الحديث الشريف ( إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ، ولكن في التحريش بينهم ). فيا معشر المستقطبين كفوا ، فإنه لاضير من النقاش والخلاف وليس الاختلاف الدائم على كل شاردة وواردة ، والرجوع عن الخطأ فضيلة ، نختلف ونتفق لننهض ، فلقد طالت كبوتنا . *أستعير أسلوب العنوان من الكاتب أحمد العرفج صاحب العناوين المميزة.