سأحاولُ أنْ أرسمَ بكلماتي صورةً مشرقةً لبنات الوطن، في يوم من أسعد أيام حياتي حضرتُ حفلاً ختاميًّا لتخريج أوّل دفعة من طالبات نظام المقررات في الثانوية الثانية بينبع الصناعية، واسمحوا لي -قرائي الأعزاء- أن أنقلَ لكم سبب سعادتي وفخري بهذا الصرح التعليمي، رغم أنني لستُ أُمًّا لطالبةٍ بعينها في هذا الحشد الجميل، وإنّما دومًا أستشعرُ بأنني أحظى بأمومة كل طالبة التقي بها في مشوار حياتي العملية. كان يوم عرس تزيّن الجمع كله بالورد وألوانه الجميلة، التي زينت المكان والزمان، وأكاليل الورد تعلو هامات فتياتنا الخريجات المتألّقات كالأميرات، في قصص الأساطير. عدتُ بذاكرتي إلى أيامٍ خوالٍ في مدينتي الحبيبة، ومدرستي التي تخرّجت فيها "الثانوية الخامسة" بالحرة الشرقية، وتخيّلتُ مشهدًا لا يزال عالقًا في مخيّلتي، ومسيرة طالبات الثانوية على أنغام محمد عبده (من يهني السنابل في ليالي عرسها كل شعب الجزيرة اللي تعب في غرسها). وتذكرتُ نشيد (فوق هام السحب، وإن كنتِ ثرى) في يوم تخرجي في الجامعة، واليوم طالباتنا يُردّدن نفس النشيد، وكأن الأيام تعود إلى زمنٍ جميلٍ مضى؛ لتلتقي مع زمن أجمل. جمال هذا الزمان يتجلّى فيما أرى أمام ناظري من تميّز لقائدة تربوية تستحق أن يُسجَّل اسمها بمداد الفخر والاعتزاز.. إنّها (الأستاذة عزيزة فلاتة)، تجمع بين الحزم والحكمة، والحنان وحُسن التصرّف، والعلاقة الإنسانية المتميّزة مع معلّماتها، والقرب الحميم من طالباتها. توقفتُ كثيرًا عند شخصيتِها وحضورها، والكاريزما التي تمتلكُ، تعلَّمتُ منها الكثير في صحبتي لها، وإن كنتُ مشرفةً، وهي مديرةٌ. أقول لها، ولفريق عملها المعطاء، من معلمات وإداريات: اليومَ هو يومُ الفرحِ الحقيقيّ، حينما نشاركُ معكنّ في تخريج دفعاتٍ من بنات الوطن، تميّزن حتى وصلت إنجازات هذه المدرسة إلى العالمية، في مجال البحث العلمي، مثَّلن المملكة في المحفل العالمي بأمريكا، وطالبتان حصلتا على المركز الثاني والرابع من أصل خمسة مراكز على مستوى المملكة في أولمبياد الرياضيات. هذه الإنجازات النوعية ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة -بإذن الله- هذه المدرسة تخرّج سنويًّا عددًا كبيرًا من الطالبات المتفوّقات، والمبدعات، والمخترعات، والمبتكرات.. والآن هناك خريجات في جامعات عالمية يدرسن كل تخصص من التخصصات؛ ليعدن إلى الوطن وهُنّ متسلحاتٌ بآخر مستجدات العلم. ولتكتمل الصورة التي أريد للجميع أن يتخيلها، في هذه المدرسة تزينت جدرانها بفن وإبداع أنامل طالباتها، وبإشراف معلّماتها، وفي أروقتها تكتحل أعين الزائرين والزائرات بمنتجات يدوية، وكتابات أدبية، ومقالات مبدعة، ومشروعات تربوية رائدة، وإسهام في مجالات العمل التطوّعيّ المجتمعيّ، لطالباتنا أيضًا بصمة إنسانية مشهودة، وتواصل مع المجتمع عبر بوابة الإعلام الجديد في مواقع التواصل الاجتماعيّ، ليعرضن أفكارهنّ ومشاريعهنّ بمساندة مُعلِّمة مبدعة في هذا المجال -أقول لها شكرًا "سهام". ألا يحق لي أن أفخر وأسعد بهذا الصرح التعليمي الذي عشتُ معه أجمل مسيرة في حياتي العملية، عبر مشروع المدارس الرائدة على مدار ثلاث سنوات؟! ها هي الثانوية الثانية الرائدة بإنجازاتها وتميّزها سابقت الزمان، وسجّلت في سجلات تعليم ينبع والهيئة الملكية إبداعات مخرّجاتها التعليمية من طالبات، ومعلمات، وقائدة حكيمة يُحتذى بنهجها، وعطائها، وحبّها لعملها. [email protected]