تلك الفتاة التي اطلعت على رسوماتها وهي تعبر عن العنف الذي يمارس على أفراد الأسرة الواحدة بدءًا من الأم الضعيفة التي يقهرها رجل قوي متسلط متجبر يصرخ ويضرب ويشد شعرها، ومن ثم تلك الأم التي تمارس دورًا تنفيسيًا على طفلتها تنكل بها وتضربها، والطفلة تمسك لعبتها تمزقها وتضربها وتقطع شعرها وتهينها، صورة مؤلمة لأسرة تعاني من ألم العنف الجسدي والنفسي. تساءلت حينها: هل يمكن لمبدع أن يكتب قصة معاناة أو ينظم قصيدة أو يرسم لوحة فنية فيها كل هذه المعاني من الألم دون أن يستشعر هذه المعاناة بشكل أو بآخر؟! تمنيت من قلبي في تلك اللحظات ألا تكون تلك الفتاة ضحية لأي نوع من أنواع العنف الأسري. وتلك فتاة أخرى تتحدث بطلاقة وبلغة عربية فصيحة أكبرت فيها حرصها على التميز والإتقان في الالتزام بقواعد اللغة العربية وتذكرت حينها كيف أن العرب منذ قديم الزمان يحرصون على تنشئة أبنائهم في البادية لتستقيم ألسنتهم وليتمكنوا من اللغة فعرفت يقينا أن القبائل العربية في مجتمعنا السعودي هي الأكثر قربًا من اللغة، ويا ليت هذا الأمر يسود مجتمعنا فنحن بأمس الحاجة إلى ذلك. تلك الفتاة تميزت أيضا بثقة عجيبة في نفسها ومؤمنة بقدراتها، ولكن في نهاية اللقاء الذي كانت هي من تقدم له كان هناك استطلاع للرأي يتحدث عن وضع الأسرة المفككة كيف يكون حال أبنائها؟ هل هم في ضياع أم انحراف أم ضعف؟ كانت الإجابات ترجح الانحراف وإذ بها تقول لا، لا تكونوا قساة عليهم كالزمن الذي قسا وفكك ودمر أسرة وشتت شملها سيكونون ضعفاء كحالي مثلا. لم أتقبل أن تصف هذه الفتاة الواثقة من نفسها بأنها ضعيفة فحللت قولها بأن الضعف يكمن في حرمانها من حنان الأسرة المترابطة ومن لم الشمل والحنان والعطف، فهل يعي كل زوجين قررا الانفصال ماذا فعلوا بأبنائهم حينما حرموهم من الشعور بالأمان والقوة والسكينة والطمأنينة..؟! رفقا بأجيال تشعر بالانكسار والضعف والحرمان، وفي أحيان أخرى يشعرون بالنقمة والكراهية لأقرب الناس إليهم لأنهم لم يوفروا لهم الجو الآمن.. لنحاول أن نلملم جراحنا ونؤلف بين قلوبنا ولا نصعد من المشكلات التي تهدم كيان الأسرة. إلى كل من يمارس عنفا لفظيا أو جسديا ضد أفراد أسرته تقول له: اتق الله فيمن ولاك الله أمرهم، فإن الله لا يرضى بالظلم ولا القهر لعباده وخاصة الضعفاء منهم.. لنبحث عن أسباب السعادة وسبلها لنسلك طريق السعداء في الدنيا والآخرة. دمتم في حب وسلام وسعادة واستقرار أسري. [email protected]