أرسلت تزف إلينا نبأ طلاقها: «وأخيراً.. نلت الطلاق»، طلاقها من زوجها العجوز بعد أن أمضت عشرين سنة في خدمته ورعايته، وأنجبت خلالها بنين وبنات ومرت فيها بمواقف سعيدة وحزينة.. أخرى قابلتها بعد غياب طويل امتد إلى سنوات، وبعد أن تجاذبنا أطراف الحديث ودخلنا في تشعبات الحياة، قالت: «لم أشعر بالسعادة كما أنا عليه الآن».. سألتها: «ولم؟» قالت: «لقد خلعت زوجي!!»، رغم مرور أكثر من عشرين عاما على زواجها، رزقت من خلاله بالذرية إلا أن قرار الطلاق والخلع، لم يكن ليتبادر لذهنها إلا بعد أن درست وتعلمت العلوم الشرعية وعلمت بأن لها الحق في ذلك.. وثالثة أرسلت: «الحمدلله لقد انفصلت عن زوجي، وتركت له البلد وهاجرت مع بُنياتي» هذه أيضاً استمر زواجها قرابة العشرين سنة، عاشت مع زوجها مراحل متعددة كما غيرهم من الأسر، لكن الوضع كان أصعب من أن يتعايش معه.. هذه الحالات الثلاث وردتني متتابعة خلال شهرين فقط، بالتأكيد ليست هي الوحيدة بل هناك الكثير أمثالها، وقد تكون أشد قسوة، وأكبر ألماً.. حالات الانفصال السابقة، عايشت جزءًا من تفاصيلها، لكني لم أشعر بفداحة مشكلاتها إلا عندما حصل الطلاق، ولمست مدى السعادة والفرح الذي سيطر على الأم والأبناء، بعد الانتهاء من تبعات حياة زوجية صعبة وشاقة.. الكثير يلوم المرأة عند الطلاق، وبالأخص بعد أن تكون قد أمضت سنوات طويلة من عمرها مع زوج أفنت حياتها في سبيل ارضائه، وتحقيق رغباته، أنجبت ذرية وكونت أسرة.. ثم في لحظة تتنازل عن ذلك كله!! من خلال معايشتي للتجارب السابقة، أقول إن نسبة اللوم فيها قد تكون متساوية بين الطرفين، والسبب أن كثيرًا من النساء تتحمل في بداية الحياة الزوجية مشاكل الطرف الآخر، دون النظر في امكانية معالجتها أولا بأول.. كما أن الرجل غالبا ما يدير ظهره أمام أي مشكلة زوجية تواجهه، أو ينزوي في كهفه لينسى المشكلة.. كذلك خوف المرأة من خوض تجربة الطلاق وهي في عمر صغيرة، قد لا يسمح لها بتحمل تبعات التجربة وقسوتها، كما لا ننسى سيطرة الأسرة وأعراف المجتمع، التي تحرم المرأة من حقها في طلب الطلاق أو الخلع، وتصوره كأنه جريمة!!.. ما أحل الله شيئًا إلا وفيه خير للمرء.. [email protected]