* حضارة البشر ترتبط دوماً بتاريخهم وآثارهم التي تحكي عن طقوس حياتهم وعاداتهم وتقاليدهم ومأكلهم ومشربهم ومسكنهم الذي عاشوا فيه، ما أروع أن نحافظ على هذا الإرث الحضاري والتاريخي الذي يذهب بنا إلى عبق التاريخ وجميل الأيام حين كان الإنسان يتقن صنعته ويُجوِّد في عمله لتمر الأيام والسنين ويبقى الأثر بيت هناك وقصر هنا ومسجد ما زال شاهداً على فنون العمارة الإسلامية الخالدة. * ما أحوج جيل اليوم أن يتعلموا فنون الإتقان والأمانة في زمن ضيعت فيه الأمانة والشواهد كثيرة لا مجال لذكرها بين هذه السطور. * استوقفني لقاء تلفزيوني مع الباحث ورئيس فريق التنقيب الدكتور خالد إسكوبي والذي تحدَّث عن نتائج الدراسات الأولية للعناصر المعمارية المكتشفة، والتي أكدت أن قصراً شيّد في القرن الهجري الأول، وأنه جزء من منظومة حضارية لوادي العقيق المبارك في أرض باركها الله جل وعلا على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم. وهو ما يُعرف بقصور عروة، وهي متوسطة الارتفاع تنشر في هذه المنطقة كسر فخارية وحجارة بركانية ووجدت تحف وآثار لمقتنيات فريدة ومتنوعة للفترة الأموية من القرن الأول. كما تم اكتشاف العديد من قطع الأواني الحجرية والحجر الصابوني وقدور وأباريق وخزف ملون جميل يُمثِّل تطوّراً في صناعة الخزف الإسلامي، بالإضافة إلى الفخار المزجج. * وادي العقيق يعد من أشهر أودية المدينة، وهو جزء من تاريخها، وذكرته عدد من الكتب والمصادر التاريخية والجغرافية والدينية، سمي بهذا الاسم لأنه عق في الحرة أي شق، ومن أشهر القصور في هذا المكان قصر عروة بن الزبير ومروان بن الحكم وسعد بن أبي وقاص وسكينة بنت الحسين، وأقيمت على ضفافه المزارع الخصبة والحدائق . * ما أجمل أن توزع الكتيبات، وتُطبع بطباعة فاخرة عن هذا المعلم التاريخي بمناسبة المدينة عاصمة الثقافة الإسلامية، وما أروع أن تعقد الندوات الحية والجماهيرية ويشارك فيها الشباب من الجنسين لمعرفة تاريخهم المجيد المكاني والزماني ضمن فعاليات لن تتكرر بسهولة، هذا أوان وعصر الشباب الذي لابد أن يكون له دور فاعل في إحياء الثقافة في وطني، وفي إحياء تراثه والمشاركة بقوة في فعاليات المدينة. * المدينة زاخرة بالخيرات والبركات، ورجالها ونساؤها وشبابها في خدمتها وخدمة الوطن، وهم بعون الله قادرون على أن تكون هذه الفعاليات مميزة بقيادة أمير شاب مميز في فكره وثقافته، وتاريخه الإعلامي والثقافي شاهد على ذلك. [email protected]