كشفت تنقيبات لفريق من قطاع الآثار والمتاحف بالهيئة العامة للسياحة والآثار، في وادي العقيق بمنطقة المدينةالمنورة، عن قصر يرجع إلى القرن الأول الهجري، وعثرت خلال موسم التنقيب الثاني 1433/2012، على قطع متنوعة من الفخار والزجاج والأدوات الحجرية وأواني الحجر الصابوني. وقال رئيس فريق التنقيب الدكتور خالد بن محمد أسكوبي، إن نتائج الدراسات الأولية للعناصر المعمارية المكتشفة والمعثورات الأثرية أكدت أنّ القصر يرجع إلى القرن الأول الهجري، وأنه جزء من المنظومة الحضارية لوادي العقيق. وأضاف أسكوبي أن قطاع الآثار والمتاحف نفذ خلال موسمين متتاليين تنقيبات أثرية بالقرب من وادي العقيق في الجهة الجنوبية الشرقية مما يسمى حالياً بقصور عروة، وهو عبارة عن تل أثري متوسط الارتفاع تنتشر على سطحه الكسر الفخارية والحجارة البركانية، حيث اكتشف لأول مرة آثار لقصر تبلغ مساحته (40م × 30م2) تقريباً، وعثر على معثورات أثرية فريدة ومتنوعة تعود للفترة الأموية من القرن الأول الهجري. وحول العناصر المعمارية للقصر، أشار أسكوبي إلى الكشف عن أساسات معمارية تمثل ثماني وحدات لغرف موزعة داخل القصر، وبنيت جدران القصر بالحجارة البركانية، وتغطي جدران القصر لياسة طينية في بعضها، بينما تغطي بعضها الآخر اللياسة الجصية، في حين تغطي معظم الوحدات المكتشفة الأرضيات المدكوكة بالطين. وبشأن معثورات التنقيب، قال أسكوبي إنه تم العثور على مجموعات متنوعة من الفخار والزجاج والأدوات الحجرية وأواني الحجر الصابوني، منها كميات من الفخار المتنوع لجرار وقدور وأزيار وأباريق وأوان صغيرة كالأكواب والصحون، وخزف ذو بريق معدني يمثل تطوراً في صناعة الخزف الإسلامي خلال القرنين الأول والثاني الهجريين، ويماثل الخزف المكتشف في موقعي المابيات والربذة الإسلاميين، إضافة إلى كسر من الفخار المزجج. كما عثر على كميات من كسر الأواني الزجاجية، تعود لأكواب وقوارير وأوان متفاوتة الأشكال والأحجام، وتحمل بعض تلك الكسر زخارف على أبدانها وهي ذات ألوات متعددة، إضافة إلى مجموعة من الأدوات الحجرية المكتملة وشبه المكتملة ولأجزاء من أوان، ومنها رحى من الحجر البركاني وقواعد لآنية ومساحن مكتملة. وذكر أن فريق التنقيب الذي رأسه الدكتور خالد أسكوبي وضم عددا من المتخصصين من قطاع الآثار والمتاحف، هم عائض المزيني، وماجد العنزي، وأحمد صباح، اكتشف هذا الموسم معثورات تضمنت أدوات من الحجر الصابوني بعضها مكتمل، منها مسارج وأجزاء من أواني الطهو وحفظ الأطعمة والمسنات وقواعد لمباخر، إضافة إلى العثور على أدوات معدنية قد تكون استخدمت لأغراض الزينة، ومنها قدم إنسان من البرونز قد تكون قاعدة لإناء. ولفت أسكوبي إلى أن الكتابات والآثار القائمة في الموقع تدل على وجود استيطان بشري موغل في القدم، حيث بقايا قصور ترجع للعصرين الأموي والعباسي، والتي من أشهرها قصر عروة بن الزبير، وقصر سعيد بن العاص، وقصر مروان بن الحكم، وقصر سعد بن أبي وقاص، وقصر سكينة بنت الحسين، كما أقيمت على ضفاف الوادي المزارع الخصبة والحدائق التابعة لقصوره. وأشار إلى أن خط سكة حديد الحجاز في العصر العثماني كان يمر على جسر يصل ضفتي الوادي، كما يقع على الوادي سد عروة وسد الغابة، موضحاً أن طول وادي العقيق يبلغ (80) كيلومتراً، ويتراوح عمق مجراه بين (10) و(100) متر، بعرض يتراوح بين (100) و(150) متراً، كما يعتبر مصرفاً طبيعياً لمياه السيول والأمطار لمساحة تقدر ب (4000) كيلومتر مربع، حيث تصب فيه روافد طبيعية من الأودية تزيد على (40) وادياً. يذكر أن وادي العقيق من أشهر أودية المدينةالمنورة، وهو جزء من تاريخها، حيث ذكره عدد من المصادر التاريخية والجغرافية والدينية، وسمي وادي العقيق بذلك لأنّ سيله عق في الحرة، أي شق.