أن يقوم عصام العريان القيادي بجماعة الإخوان المسلمين والمستشار "المستقيل" للرئيس المصري محمد مرسي، بدعوة الإسرائيليين من أصل مصري إلى العودة إلى مصر بعد أن طردهم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بدون وجه حق - حسب رأيه - فهذه بدون شكّ مصيبة، وأية مصيبة. أما أن تصدر جماعة الإخوان المسلمين ممثلة في حزب الحرية والعدالة بياناً تقول فيه بأن تصريحات العريان تُعبِّر عن وجهة نظره الشخصية فقط، ولا تُعبِّر عن وجهة نظر الجماعة أو الحزب الحاكم، فهذه مصيبة أكبر من سابقتها. هذا الخطاب المزدوج، حيث دأب الإخوان على إرسال رسائل معيّنة إلى الغرب ونفيها في الداخل، هو جزء رئيس من سلوكيات الجماعة وسمة أساس من سمات ممارستهم للعمل السياسي. هذه الازدواجية الإخوانية حيث تفوح رائحة الانتهازية التي يتم تمريرها على الجمهور المتعاطف تحت لافتات دينية براقة، ليست مجرد دليل على تأصل الانتهازية في الفكر والسلوك الإخواني، ولكنها السبب الأهمّ في عدم شعور التيارات والقوى الوطنية الأخرى بالحد الأدنى من الثقة في نوايا الإخوان. وهو ما لا يمكن أن يلومهم عليه أحد.. وهل يمكن أن ينسى خصوم الإخوان تعهداتهم خلال الفترة الانتقالية، بأنهم لن يقدِموا على تسمية مرشح رئاسي، ثم ما حدث بعد فوزهم بالانتخابات الرئاسية، من محاولات ما زالت جارية حتى الآن، لإقصاء الآخرين وإرهابهم واتهامهم بأنهم يحاولون إعاقة تطبيق الشريعة، متجاهلين الواقع الذي يؤكد بأنهم يطبّقون رؤية بشرية للشريعة، ولا يقدمون الشريعة ذاتها؟! الملفت للانتباه هو استخفاف جماعة الإخوان المسلمين بعقول المصريين والعرب إلى درجة توحي بعدم شعورهم بأدنى درجات الاحترام لمواطنيهم من المصريين ولأشقائهم من العرب. وهو ما تجلّى عبر تأكيد الجماعة في البيان الصادر باسم حزب الحرية والعدالة، بأن تصريحات العريان لا تمثل سوى وجهة نظره الشخصية، مما ينفي حسب زعمهم، أية علاقة لهم كحزب أو جماعة بتلك التصريحات! إن تصريح أحد القياديين بحزب ما بما يتعارض مع وجهة نظر الحزب، هو مخالفة كبيرة وخرق عظيم لأصول العمل السياسي والانتماء الحزبي.. وهو ما لا يمكن أن يمرّ دون إجراء تحقيق مع عضو الحزب الذي منح نفسه الحقّ في الإدلاء بتصريحات في منتهى الخطورة دون الرجوع إلى حزبه. فهل تم إحالة عصام العريان إلى التحقيق من قبل الحزب الذي يشغل فيه منصبًا قياديًا، أو من قبل مؤسسة رئاسة الجمهورية التي كان يعمل بها -أثناء إدلائه بالتصريح- بصفته مستشاراً للرئيس، إلى التحقيق بسبب تصريحاته الأخيرة؟! كفاكم كذبًا وتدليسًا على الناس. [email protected]