ينطلق المسلم في شؤونه الحياتية أجمع من ثوابت وركائز دينية راسخة، قوامها اعتقاده اليقني الجازم بعقيدة الإسلام وشرعة الله تعالى في أرضه، واستسلامه التام بكل طوع واختيار لمبادئها وتعليماتها، ذلك الطوع الذي يضفي على حياته نوعا من الطمأنينة، تسير معه الحياة كأحسن ما يطلبه ناشد الراحة والسكينة، وطالب السعادة الأبدية، التي لا يعكر صفوها كدر ولا قلق. إن عقيدة الإسلام عقيدة فذة، امتازت عن غيرها من التشريعات والمعتقدات بمصدرها الإلهي الرباني، وبتلمسها لكل ما تحتاجه النفس الإنسانية من أسباب السعادة وانشراح الصدر. وكنتيجة حتمية لهذا الاعتقاد فإن المسلم يسير في حياته كلها بقلب راض واثق بميعاد الله سبحانه، وبخطوات ثابتة نحو المنحة الربانية الكبرى، وهي الفوز بجناته ورضوانه سبحانه وتعالى. غير أن هذه الغاية العظيمة وهذا المقصد النبيل يستدعي من الجادَّ الطامح لنيل تلك الرتب الرفيعة أن يجدد في نفسه تلك العقائد الإيمانية، ويستحثها يوما بعد يوم على غاية الارتباط بخالقها، ويروضها على التسليم المطلق لحكمه في كل شأن وقضية، وقد روي عن المصطفى عليه الصلاة والسلام أنه قال لأصحابه (جددوا إيمانَكم، قالوا: كيف ذلك يا رسول الله، قال ؛ قولوا لا إله إلا الله) وهذا التوجيه النبوي الكريم يرشد بطريق الإشارة والدلالة إلى أن المسلم بحاجة دائمة لأن يذكر نفسه بعقيدة التوحيد التي يعتقدها، وأن ذلك أدعى لرسوخ الإيمان في قلبه، مستمدا العون من بارئه سبحانه، ومستلهما منه أن يثبته على هذه العقيدة الصافية، ويجنبه مزالق الفتن ومهاوي الردى. فلينعم المسلم بهذه الميزة الربانية الكبرى، وليشكر فضلها، وليتعهدها بالرعاية، فإن في شعوب الأرض اليوم من أمضى حياته وهو يتقلب في أوحال الكفر باحثًا عن معشار تلك السعادة، وقد أخذت عقائد الباطل المتلاطمة تموج بأفكاره، وأمسكت بتلاليب نفسه ترمي بها في كل قارعة وطريق، فاللهم احفظ علينا إيماننا بمنك وكرمك.