في البدء كنت أود أن أتحدّث عن سينما الطفل السعودي، فوجدتُ نفسي تغالبني قبل أن أُحلِّق بعيدًا نحو الطموحات والآمال إلى المستقبل، حيث أرى أمامي دورًا للسينما مُخصَّصة للطفل تُعزِّز الجوانب الإيجابية في شخصيته، وتخاطب عقله ووجدانه وروحه. فتساءلت أين هي ثقافة الطفل؟ وما هي العوامل المؤثرة فيها؟ وما هو حال أطفالنا اليوم.. هل ما زالوا أطفالاً؟! في مرحلة رياض الأطفال التي بدأتُ من خلالها مشوار عملي التربوي -رغم عدم التخصص في هذا المجال- تعلَّمتُ على أرض الواقع وبين أروقة روضة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ما لم أتعلمه في كلية التربية. جميل عالم الأطفال، وهذه المرحلة على وجه الخصوص تلقى عناية خاصة، مناهج دائمة التطوير، وأساليب مشوقة قائمة على التعلم الذاتي والاستكشاف والبحث والتأمل، وغرس القيم الدينية والأخلاقية والروحية، فتحية للقائمين على مرحلة رياض الأطفال في وزارة التربية والتعليم. المشكلة أن طفلنا السعودي عندما ينتقل للمدارس يتعرض لصدمة كبرى، ويتحول التعامل معه جذريًّا، ويُطلب منه أن يتلقى المعلومات ومن ثم يرددها ويحفظها، وفي كثير من الأحيان يصبح مسلوب الهوية والشخصية، عكس ما تعوّد عليه في روضته ومع معلمته التي تشجعه وتستمع إليه، وتبادله حبًّا بحبٍّ. الطفل السعودي اليوم أمام طوفان إعلامي، وقنوات فضائية لا تخاطب عقله وفكره، بل مشاعر متضاربة، وغرس أفكار غريبة لا تناسب ما تربينا عليه من دين، وخلق قويم، وعادات مجتمعية، فأصبح الطفل في حالة ضياع لهويته. والأدهى والأمر ما يتعرض له طفل اليوم من أساليب غير تربوية وعنف أسري، زاد حاله وكثرت حالاته، وقصص تدمي القلوب، عندما تخلى الآباء والأمهات عن دورهم الذي خلقوا من أجله. إنها الأمانة التي ضُيّعت للأسف الشديد والضحية هم أطفال اليوم عدة المستقبل. طفلنا السعودي يتعرض لخطر آخر، وهو: مشكلات الطلاق، والتفكك العائلي بعيدًا عن حضن أمه ورعاية أبيه، كيف سينشأ هذا الطفل؟ وأي ثقافة سيتربى عليها؟! نحن بحاجة إلى حملة وطنية من أجل الطفل الذي يطالب بحقوقه، يريد مجتمعًا آمنًا مطمئنًا، وأسرًا متماسكة، وتعليمًا يراعي عقله وفكره، ومعلمًا يُصادقه ويحترمه، لا يلقنه ويحفّظه في زمن عُرف بزمن التفكير، ومهاراته ورعاية الموهبة والإبداع والابتكار. ما أجمل أن نُنشئ جمعياتٍ، ولجانًا، وهيئاتٍ متعددةً من أجل الطفل، كل يدلي برأي أو فكرة، لإنقاذ إنسان نسميه اليوم طفلاً، وغدًا هو الرجل الذي يدفع عجلة التنمية في وطني. [email protected] [email protected]