منذ بداية وعينا ومعرفتنا أن هناك حياة حقيقية تنتظرنا في مستقبل الأيام، ونحن نحلم بالغد الذي نأمله ونستشرفه، وكلّما كبرنا زادت أحلامنا نضجًا، وعمقًا، وأقرب إلى الواقع الذي يمكننا أن نحقق فيه ما نريد. ما أروع أيام الطفولة، تلك التي كنا نحلم فيها بمستقبل مشرق، وآمال عريضة تصل عنان السماء. وكلّما مر بنا العمر استطعنا أن نحقق بعضًا من أحلامنا، ولكن لا يستطيع المرء تحقيق كافة ما يحلم به مهما حاول إلى ذلك سبيلاً. عالم الأحلام غريب عجيب، لا يعلم كنهه ومداه وعجائبه إلاّ خالق النفس والروح.. تلك الأرواح التي لم تمت في منامها، كما قال الله عز وجل في كتابه العزيز. أرواح تتلاقى مع أموات وأحياء وهي نائمة، قد نشتاق إلى أحبة فارقونا أحياءً أو أمواتًا فنستحضر وجودهم في حياتنا من خلال الأحلام، وكم هي الفرحة تغمرنا يقظةً ومنامًا عندما نحقق شيئًا ممّا نريد من خلال الأحلام التي هي من نعم الله علينا، إن أدركنا ذلك ووعيناه. خواطر عن الأحلام وقيمتها ومعانيها يتناولها الكُتَّاب والمؤلّفون في عالم الفن السابع؛ ليحلّقوا بنا في أفكار غريبة عجيبة لا يصدّقها العقل الواعي، ولكن يمكن لها أن تتحقق من خلال العقل الباطن. كل الأفكار التي كانت في يوم ما ضربًا من الخيال قبل عشرات السنين، أصبحت اليوم واقعًا نعيشه، ورحم الله علماءنا المسلمين الأوائل، عندما سخّروا علمهم وفكرهم لإسعاد البشرية، وأنا أكتب هذه الكلمات خطر ببالي عباس بن فرناس، الذي أراد أن يحلّق بجناحين، فسجلت له أول محاولة طيران بشري، تلك فكرة من بين آلاف الأفكار التي تحققت فيما بعد. ولكن بعيدًا عن شطحات الفكر وخيال المؤلّفين في عالم السينما وخيال العلماء والمفكرين، لنا أن نتساءل عن واقعنا الذي نعيش: ماذا نحن فاعلون فيه؟ هل نعمل لغدٍ يعيش فيه جيل آخر من الأبناء والأحفاد ليحصدوا هم غرس ما نزرع كما حصدنا نحن غرس من سبقونا؟! تخيّل.. من برامج بوابة موهبة تدعو للخيال والتحليق بالفكر إلى بعيد، إلى المستقبل والحياة، كيف ستكون؟ فهل نحن المربين على وعي تام بأهمية رعاية الموهبة، ودعمها، وتشجيع الأفكار، وإن كانت غريبة لنا لأنها لا تخطر على بال عامة البشر، ولكنها هبة من الله لأفراد ميّزهم تعالى بفكر وقّاد، وقدرة على سعة الأفق. فالله.. الله.. في يومنا الذي نحيا فيه، نتعهده بمزيد من العمل الصالح النافع، والبُعد عن النظر إلى الخلف والماضي بحسرة وألم، ونقول كنا وكنا سادة العالم، ونحن اليوم في مؤخرة الركب، فهذه النظرة لن تجدي، والبكاء على الأطلال سمة المتخاذلين والضعفاء، نحن في عصر الإبحار نحو المستقبل لنحلم به مشرقًا، وبروح متفائلة بأن الله لن يضيع أجر من أحسن عملاً. كل الحضارات الإنسانية التي كانت والقائمة اليوم، هي بين أيدي عقول مفكرة مخططة طموحة، تقدر وتعلي شأن العلم والعلماء والموهوبين من أبنائها ليكونوا عدة للمستقبل. خاتمة القول.. مقولة قرأتها وأثّرت فيّ كثيرًا (في نهاية العالم توزن الأرواح وتُثاب على قدر العمل). [email protected]