تجتاح ذهني بين الحين والآخر ومضات من التأمل المشوب بالقلق حول بطالة النساء، أتابع أخبار أعداد منسوبي حافز التي وصلت المليون والنصف، أقول لبناتنا أن التحدي الجديد سيدور رحاه حول "الوظائف الجيدة" والإبداع فيها. وأُردِّد: إن العمل الحقيقي لا يكون باللسان، وإنما بالتجربة والاتقان، لكن بعض الناس يميل إلى الاعتقاد بأن تجربة عمل النساء في القطاع الخاص نوع من الرفاهية لا حاجة لنا به، كأن هناك قانونا داخليا عشش في جيناتنا يؤكد أن عمل المرأة منكراً.. وأتابع في المواقع الاجتماعية بعض من يقذف ويشتم أعراض النساء في المجال الطبي بإثبات تكاثر السلبيات، وتعرية عمل المرأة وإظهار سوءاته، وعرض أمثلةٍ فردية لتثبت فشلها بعد نجاحها خمسين عاماً تحمل المشرط الطبي بجانب أخيها الرجل. حيث اختلط الحق وخضع الناس لإملاءات عقولهم وميولهم، وتجذّرت لديهم أحاسيس الخوف والعزلة من مشاركة المرأة في التنمية. تصيبهم حالة من الخلل في الإدراك بعد أن تنقشع عنهم الضلالة والتضليل الذي أصيب بعضهم به ورفضهم لقبول الواقع والمتغيرات. لم يكن مجتمعُنا بهذه العدائيةِ ليثور على هكذا قضايا، ولا بهذه السذاجة؛ فما الذي تغير؟! هل هو إفرازًا مدنيّا طارئًا أم انبعاث ركامٍ نفسيٍ دفين؟! كانت أمهاتنا وجداتنا بالأَمسِ يسْعين في منَاكِبِ الأرضِ مطمئنات يبحْثن عن زادِ يَومِهن، يتفوقن على شَبَحَ الفاقَةِ، ورغم ذلك كان قَلبُهن أقْوىَ إيمانا وأنْدَى قناعة، فكانت الواحدة منهن تعمل "قابلة" لتوليد النساء، وخيّاطة وماشطة تزين النساء، وتبيع "المخبوزات" من بيتها! عمل النساء في القطاع الخاص يحتاج إلى دعم كبير من منظومة المجتمع والمنشآت الخاصة والعامة، فكلما قرأتُ خبر البطالة النسائية، كأنني أضع رأسي داخل خلية نحل تلسعني، وكأن الله جعلني شاهدة على هذه الفترة التي ترعبني ليل نهار، لكني أستيقظ كل يوم على أمل في الحل. وبعد... عمل المرأة في بلادي هي رسالة إلى الأسرة والمنشآت العلمية والإعلامية بالتوعية الوطنية والاستماع والتحاور معهم.. وأختم هذا الحديثَ بهذا السؤال: ماذا أعدَدْنا لتَجْنيبِ مخرجاتنا القادمة شرَّ البطالة؟! [email protected]