تجتاح ذهني بين الحين والآخر ومضات من التأمل المشوب بالقلق حول أخبار الإرهاب وتغيّر بعض الشباب، كيف تلحف أذهانهم بسحابة التشدد وإباحة قتل الأبرياء، وتخريب المنشآت الوطنية الحيوية، ثقافةً واتجاهاتٍ وسلوكاً، ثم، ولعله الأهمّ، إلى ماذا سيؤول إليه الحال بعد أن تنقشع عن بعض شبابنا الضلالة والتضليل الذي أصيب به؟! كان آباؤنا وأجدادنا بالأَمسِ يسْعون في منَاكِبِ الأرضِ مطمئنين، يبحْثون عن زادِ يَومِهم، لم يَكنْ يُهمَّهُم من أمُورِ الكَوْنِ شيءٌ سَوِى صَلتِهم بخالقهم وأنْ يتفوق على شَبَحَ الفاقَةِ ورغم ذلك كان قَلبُه أقْوىَ إيمانا وأنْدَى قناعة وأقومَ بصيرة لحب الوطن! نعم ظهر الإرهاب في بلادي وبلاد العالمين، واُشغِلُ -بعض أبنائنا- بسَببه أسماعَ وأبصارَ العالم بلا استثناء.. هنا تبدَّل حالُ بعض الشباب.. فَتَعاظَمْتْ أفكاره المغلوطة، نوْعاً وكمَّاً.. استيْقَظتْ في خاطره نزْعةُ القتل.. وغَريزةُ الشر! لم يَعُدْ يُعانِي بعض شبابنا محنةَ السعي في الأرض بلا صبح باحثاً عن مساوئ الأشياء دون محاسنها. يُسْرِفُ في القتل كالنار في الهشيم..! ويُسْرفُ في التدمير.. دعتْه شَهْوةُ العنف وقلّة الرِّفْق بالوطن ومنشآته الحيوية، إلى مَوائِدِ الموت ليُنَادمها بلا حِسَابٍ.. ولا تأَمُّلٍ لأَمْسِه الذي كان، ولا عبْرة لغَدِه الذي يجْهَلَ كيْفَ يُمكنُ أنْ يكون. نعم.. تَبدَّلَ حالُ "شباب الموت".. غَرِقَ حسُّه في لُجة الدمار وعمي البصر والبصيرة.. ضَعُفتْ أواصرُ الأسرة وعزَّ التواصل، فتصريح الأبوين عن غياب أولادهم يثير الذعر في نفوسنا رغْم تَوفُّرِ أدَواتِ التواصل. أجل لقد مسَخَ الارهاب كثيراً من مَلامِح أفكار بعض شبابنا، كثَيرُ منّ الآباء والأمهات والأبناء دفَعُوا ثَمَنَ أفكار هؤلاء الشباب المتطرفة من أعْمَارِهم وصَفَاءِ أنْفُسِهم. وبعد... فأرجو ألاّ يُفسَّرَ هذا العرضُ بأنه (محاكمةٌ) لهؤلاء الشباب، بل هي رسالة إلى الأسرة والمنشآت العلمية والإعلامية بالتوعية الوطنية والاستماع والتحاور معهم. وأختم هذا الحديثَ بهذا السؤال: ماذا أعدَدْنا لتَجْنيبِ الجيلِ القادمِ شرَّ تلك الجرثومة؟! [email protected]