ليس من عادة نساء بيتنا في السابق قراءة الجرائد اليومية لسببين " الأول أن قراءة الجرائد من حظ الذكور والثاني أن قراءة الجرائد ليست من شؤون النسوان،ولم تكن الصحف لديها صفحة المرأة العاملة،ولا غير العاملة والكاتبات بأسماء مستعارة إلا من رحم ربي . ذات يوم دق جرس الهاتف في بيتنا فلم أدر إلا وأنا التقط السماعة وإذ بالمتحدث عمي " أمين " رحمه الله يطلب مني البحث عن قصيدة لغازي القصيبي،وأنا طالبة لا أعرف عن القصيبي وقتها إلا أنه وزير ُُ الصحة، وحديث المجالس بما كان يقوم به من جولات وزيارات مفاجئة للمستشفيات والمراكز الطبية . ولك أن تتخيل أيها القارئ الكريم كيف ابحث عن قصيدة القصيبي؟ وبلادي في ذلك الوقت تئن من مصطلح " زيرونت " . بمساعدة صديق حصلت على القصيدة وقررت التمرد على قانون النسوان في بيتنا،بأن أسمح لنفسي بقراءة الجريدة ومعرفة رقم الصفحة خوفاً من أسئلة عمي، وبعدها كنت أتابع أولاً بأول إصدارات القصيبي شعراً ونثراً ربما خوفاً من طلب آخر لعمي ، من يدري ! وبينما كنا قابعين في أمان الله في قطاع التجارة نمني النفس بعدم الخسارة، وإذا بهاجس يؤرقنا في الشركة و هو مصطلح " السعودة " ويعود هاجس القصيبي مرة أخرى فقد كنت أعتقد أن هاجسه قد تلاشى بموت عمي رحمه الله . فقد ترعرعت في تجارة والدي في سوق الصغير بمكة المكرمة وكانت تخلو من مصطلح السعودة والعاملين بها من العمالة الوافدة ، أما إخواني الذكور فيعملون في الدكاكين في إجازات المدارس ، والفتاة في بلادي يحرم عليها الذهاب إلى الدكان بعد العاشرة من عمرها، هكذا كان وضع حواء في المجتمع المكاوي . وبعد بدأنا نتعامل مع هاجس القصيبي في السعودة، فلا حيلة لي إلا أن أكتب له متسائلا - كيف نطبق السعودة في محلات التجزئة والسعوديون يرفضون مهنة البائع؟ وبدأنا نرجم بالغيب، فقلنا عنه أنه رجل حالم، وأنه يطلب المستحيل من جيل رضع النفط . ولان التغيرات لا تأتي بألاماني، فالتغيراتُ والمنعطفاتُ التاريخية المجتمعية ، تتطلب تخطيطا سببياً عقلياً عملياً وعلمياً . والمهنة النادرة في بلادي مهنة أخصائي بصريات ومخرجاتها السنوية تعد على الأصابع فلدينا كلية واحدة في جامعة الملك سعودبالرياض، فكان اللجوء إلى الاستقدام ليس خياريا بل إجباريا .وبدأنابتوظيف البائع السعودي بالدوام الجزئي في المحلات، وأبناءنا وبناتنا في الوظائف الإدارية فشلنا ونجحنا ،رويدا رويدا، رضخنا لحلم القصيبي وإذا بالسحر ينقلب على الساحر وبين ليلة وضحاها حققت الشركة نسبة سعودة تبلغ ٪35 بينما كان المطلوب منها .٪10 نعرف أننا في قرار أنفسنا في ذلك الوقت نرفض الاستثمار في رأس المال البشري الوطني ! صائباًلم وكنا راضين بما قسم الله علينا من الكوادر البشرية من شرق أسيا ولسان حالنا يقول لماذا كل هذا التغير يا معالي الوزير؟وبعد هذا الانجاز علمنا علم اليقين ان الوزير لم يكن حالماً بل كان a .natto@myi 2 i .com