أكد رئيس الوزراء البحريني الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة أن مسيرة التعاون الخليجي المشترك تمضي في الطريق الصحيح نحو تقوية الدعائم الراسخة للتكامل أمنيا واقتصاديا، بما يعزز من المكتسبات والمنجزات التي تحققت، ويضاعف من مستويات الرفاه والأمان والاستقرار لشعوب المنطقة. وشدد في حوار مع صحيفة «البيان» الإماراتية نشرته أمس على ضرورة ترسيخ التعاون والتكامل بين دول المجلس وبالشكل الذي يحقق المصالح والمنافع المتبادلة، وخاصة في المجال الأمني، وقال إن شعوبنا تتطلع إلى مزيد من المنجزات وخاصة في ظل التطورات الإقليمية والعالمية التي تمر بها المنطقة، وحث على بذل مزيد من الجهد لإضفاء فاعلية أكبر على استراتيجية العمل المشترك لدول المجلس في ظل التحديات الإقليمية والدولية، والاستجابة لتطلعات شعوب المنطقة في تحقيق إنجاز تلو الآخر، والبناء على ما حققه مجلس التعاون من إنجازات في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ودعا آل خليفة، قادة دول المجلس إلى وضع الأفكار التي تعجل من الانطلاقة نحو الغد المنشود من أجل حاضر ومستقبل المنطقة وتحقيق الصالح العام، وأكد أننا في حقبة جديدة وعالم تحكمه المصالح المتضاربة وهي مصالح ذات بعد استراتيجي واضح وبات من الملزم ان تعزز فعالية ودور المجلس ككيان موحد، وقال إن «ما يهمنا في المقام هو أمن واستقرار المنطقة وأن نتحدث بصوت واحد ونكون لاعبًا رئيسيًا فيما يخص شؤون المنطقة، وعلينا أن نضع الآليات المتعددة لحماية مصالحنا وبشكل قوي والحفاظ على الثوابت في محيطنا الخليجي كواحة أمن مستقرة». وعما إذا كانت «قمة المنامة» ستشهد ولادة «الاتحاد الخليجي» رسميا، أكد رئيس الوزراء البحريني أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للانتقال من مرحلة «التعاون» إلى مرحلة «الاتحاد» جاءت لتلبي تطلعات دول مجلس التعاون في الوحدة التي كانت، ولا تزال، وستظل، الهدف الأسمى من وراء تأسيس هذا المجلس. ورأى أن مشروع «الاتحاد» يجب أن يسير وفق المتفق عليه بين الدول الأعضاء وبخطوات مدروسة ومتأنية لتحديد آليات الانتقال للوحدة على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، بهدف ضمان الانطلاقة القوية للاتحاد، وتعزيز المكانة والثقل الذي اكتسبه مجلس التعاون إقليميا ودوليا خلال السنوات الماضية. وقال إننا «أمام مرحلة يجب أن تكون فيها دول الخليج العربية وحدة واحدة، حيث إننا نعيش واقعا متشابها في النظم السياسية والمخاطر التي تهددنا هي أيضا واحدة، لذا فما نريده في هذه المرحلة هو اتحاد خليجي يحقق التعاون الذي طالما تطلعنا إليه ويكرس التنسيق والتكامل والترابط الذي نتحدث عنه ويوفر مظلة للأمن الجماعي كخيار استراتيجي يحقق الأمن الذاتي الجماعي. وشدد الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة على أن تطوير منظومة مجلس التعاون والوصول بها إلى الوحدة الخليجية الشاملة، هو هدف توافقت عليه إرادة وتطلعات شعوب المنطقة وقياداتها منذ انطلاق مجلس التعاون، وخيار مصيري في ظل ما نعيشه من تحديات وتهديدات أمنية وسياسية. وقال إن «إيمان البحرين العميق بأن الحفاظ على مصالح ومكتسبات دول مجلس التعاون لا يمكن أن يتحقق إلا بالتماسك والاتحاد وتنفيذ كل ما تتوافق عليه إرادة دول وقادة وشعوب المجلس وخاصة في مجال تعزيز المواطنة الخليجية، وهي المبادئ التي نادت بها حكومة البحرين في أولويات برنامج عمل الحكومة». وأعرب عن ثقته بأن «قمة المنامة»، ستعطي دفعة قوية للجهد الخليجي المشترك نحو بلوغ أهدافه المنشودة، وبالشكل الذي يواكب ما تشهده المنطقة والعالم من متغيرات، ويلبي طموحات الشعوب في التنمية والعيش بأمن واستقرار. وعما إذا كانت البحرين والمملكة ستتجهان لتشكيل «اتحاد كونفدرالي» في حال تأخر إعلان الاتحاد الخليجي الشامل، أكد آل خليفة أن فكرة «الاتحاد» تحظى بترحيب خليجي واسع وفق رؤية توافقية تضمن مشاركة كافة دول المجلس من دون استثناء باعتباره تطورا طبيعيا في مسيرة هذا المجلس الذي تظل الوحدة هدفه الأسمى منذ تأسيسه في عام 1981. وأشار إلى أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين لانتقال مجلس التعاون من حالة «التعاون» إلى حالة «الاتحاد»، تشمل جميع الدول الأعضاء في المجلس، لافتا إلى أن نتائج أعمال اللجنة المكلفة بوضع التصورات الخاصة بقيام هذا «الاتحاد» ستحدد عند اكتمالها، كافة التفاصيل المتعلقة بإعلان هذا «الاتحاد»، الذي بات مطلبا ملحا للشعوب الخليجية، وخاصة في هذه المرحلة التي تواجه فيها دول المجلس متغيرات وتحديات كثيرة، تحتم الإسراع بتحويل «الاتحاد الخليجي» إلى أمر واقع، وهذا لن يكون بعيدا بإذن الله. وعن تطلعاته بشأن «قمة المنامة» كمحطة جديدة في مسيرة التعاون الخليجي، أكد رئيس الوزراء البحريني أن أصحاب الجلالة والسمو قادة دول التعاون يولون توسيع نطاق الشراكة الخليجية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية أهمية بالغة، ويسعون بكل إخلاص وعزيمة إلى تعظيم قوة المجلس وتعزيز ترابطه، والنهوض بآليات التعاون والتكامل بما يعزز من مسيرته ويطورها. وقال إن «الظروف والتهديدات المحيطة بدول المنطقة وما يشهده العالم من تحولات، تشكل حافزًا إضافيًا يدفع باتجاه تقوية منظومة مجلس التعاون، من أجل تعزيز جهود التنمية والتكامل الاقتصادي، وتوفير مظلة حماية قادرة على ردع كل من يتربص بأمن المنطقة واستقرارها». وبخصوص رؤيته لواقع التعاون الخليجي في ضوء ما تعرضت له البحرين من أزمة العام الماضي، أكد أن وقفة دول مجلس التعاون إلى جانب البحرين في أزمتها، شكلت عاملًا حاسما في الحفاظ على وحدتها ودعم سيادتها واستقرارها، وأن ما تتطلبه المرحلة الحالية هو دعم التوجه المشترك لحماية أمن المنطقة، باعتباره أولوية لا تحتمل التأجيل، مؤكدا أن دول المجلس تشكل كيانا ونسيجا واحدا، وأي خطر يتهدد طرفا منه سيجابه بموقف موحد من الجميع. وحول تعامل البحرين مع ما تشهده من أحداث عنف وتخريب، أكد أن بلاده هي دولة القانون ودولة المؤسسات وأن أي خروج على القانون سيجابه بالقانون، مشيرا إلى أن شعب البحرين يرفض هذه الممارسات، وقال إن «البحرين هي بلد التنوع، وتحتضن العديد من المذاهب والأديان والثقافات والأعراق والأجناس، يتعايشون جميعا معا في محبة وسلام ووئام»، مشددا على أن كل من يحاول المساس بهذا النسيج الرائع، لن يجني سوى الخيبة، وهذا ما يؤكده تاريخ البحرين.