ركّز المشاركون في أمسية «الأدب الموريتاني» التي نظمها الأدبي بالرياض يوم الأول من أمس على الشعر وتطوره في موريتانيا من واقع سيطرة هذا الجنس الأدبي على المشهد الموريتاني حتى صارت تلقب موريانيا ب»بلد المليون شاعر»، حيث شارك في الأمسية الشعراء أبوالعلاء الشنقيطي، وسيدي محمد محمد المصطفي، ومحمد عبدالقادر ولد المامي، بجانب الأديب أحمد محمد ذو النورين. استهل الأمسية عضو مجلس إدارة النادي الأدبي بالرياض هاني حجي بالإشارة إلى أن الأمسية خطوة من النادي نحو التعريف بأدب الجاليات بالمملكة، ليبدأ الحديث الشاعر أبو العلاء الشنقيطي مبينًا أن الشعر الموريتاني اكتسب خلال مسيرته الحاشدة قيمًا فنية رفيعة أرسى فيها الشعراء الموريتانيين الأوائل عمودها الشعري، وتلوينها الأدبي في القرن الثاني عشر أمثال سيدي عبد الله رازكة ومحمد سعيد اليدالي والمختار بن محمود والمصطفي بن أبي محمد والمختار بن بونة وجيلهم وأمثالهم، إضافة إلى الأجيال الأخرى وما وصلت إليه من خصوبة الثقافة والشعرية ونعومتها، ليبلغ الأدب الموريتاني بذلك أوج قوته وازدهاره مع أجيال القرن الثالث عشر والرابع عشر من أمثال محمد بن الطلبة وسيدي محمد بن الشيخ سيديا ومحمد بن محمد ومحمد بن حنبل ومحمد بن أحمد يوره وغيرهم، لافتًا إلى أن الشعراء الموريتانين ظلوا رغم أجيالهم وتاريخهم محافظين على القمة الشعرية الأصيلة، والنماذج الأدبية المتميزة. ومن جانبه تحدث الشاعر سيدي محمد بن محمد المصطفي عن تاريخ الأدب الموريتاني ومدارسه، وما تميزت به كل حقبة من الحقبة عن سالفتها، حيث أكد أن الشعر الموريتاني بدأ نضجه في القرن الثاني عشر الهجري، وذكرت أسباب تأخر الشعر الموريتاني لعدة أسباب منها: إحجام العلماء عن قول الشعر بسبب نظرتهم الفقهية من كراهية الإكثار من الشعر ولانشغال الناس بما هو أهم من العلوم الأخرى وعدم الاستقرار السياسي وعدم التشجيع من قبل الأمراء والمجتمع في ذلك الوقت، والشعر الموريتاني بدأ في شكل أراجيز من القرن السابع وحتى الحادي عشر هجري. موضحًا أن ازدهار الشعر في القرن الثالث عشر وتنوعه في كل الأغراض، وكان قاصرًا قبل هذه الفترة على بعض الأغراض وبعض البحور مثل البحر الطويل والكامل والبسيط، وبعضهم في القرن الثاني عشر قبل النضج خرج عن البحور الشعرية المعروفة حيث كان يحاكي بها الشعر النبطي (الحساني)، أما القرن الثالث عشر فجاء الشعر فيه على كل البحور وفي كل الأغراض وحاكي القصيدة الجاهلية والعباسية والأندلسية، واستعمل الموشحات أحيانًا. وعدد المصطفي أسباب ازدهار الشعر لنشأة المدارس التي تهتم بالعلوم العربية والشعر، ووفود بعض القبائل العربية من بينها قبائل بني حسان، واشتهر شعر المديح النبوي والغزل وكان معظمه عذريًا. لافتًا إلى أن المرحلة الثالثة التي مر بها الشعر الموريتاني كانت بعد الاستقلال وهي القرن الرابع عشر هجري، وهذه المرحلة استمرت بها نفس المدارس المتنوعة لكن ظهرت بها بعض أشكال الشعر العربي الحديث مثل شعر التفعيلة والشعر الحر، لكن الجمهور ومتذوقي الشعر لم يتجاوبوا مع هذه الأجناس الشعرية إلا تجاوبا يسيرًا، وما زال الشعر العمودي هو الأكثر شهرة وشيوعًا.