أبدى الدكتور سامي جمعان المدير السابق لفرع جمعية الثقافة والفنون بالأحساء استغرابه لاختيار كل أعضاء مجلس إدارة جمعية الثقافة والفنون من الرياض، مشيرًا إلى أنه لا يعرف السر وراء تهميش الطاقات في المناطق الأخرى في عضوية المجلس، مؤكدًا أن نظام الانتخابات هو الضامن الحقيقي لخلق واقع فني ثقافي فعال في جمعيات الثقافة والفنون بعيدًا عن سلطة المزاج الخاص، والمحاباة والمجاملات.. كذلك امتدح جمعان اختيار الدكتور سلطان البازعي لرئاسة الجمعية مبينًا أنه سيكون رجل المرحلة متى ما تمكن من القبض على الأمور وعدم تركها وتفويضها كما فعل خلفه الرصيص، مع إدراكه أيضًا أن معضلة الجمعية تكمن في علاقتها مع المجتمع.. وحول استقالته من فرع جمعية الثقافة والفنون بالأحساء أشار سامي إلى أن الرصيص قابل الاستقالة ببرود في حين تفاعل معها زملاؤه بتقديم استقالات جماعية.. وبرغم ذلك لا يبدو جمعان نادمًا على فترة رئاسته لفرع الأحساء، معددًا جملة من المنجزات التي يفتخر بها من بينها إنجازه لمبنى الجمعية الحالي، وبرنامجه «التواصل الاجتماعي»، معترفًا في الوقت نفسه بأنه ارتكب خطأ شنيعًا بعدم إبلاغ رئيس الجمعية السابق (الرصيص) بما واجهته من معوقات من أجل إنجاز مشروع المبنى الجديد، مؤكدًا أنه بذل من أجل ذلك الكثير وعمل فوق طاقته، ولعل هذا ما دفع به إلى تقديم نصيحة لكل مديري فروع الجميعة بأن يحذروا من العمل فوق طاقتهم فذلك سيكون وبالًاعليهم.. كل هذه المحاور وغيرها في سياق هذا الحوار مع الدكتور سامي جمعان. ما بعد الاستقالة * ماذا بعد استقالتك من فرع جمعية الثقافة والفنون بالأحساء؟. تأكد أن استقالة أي شخص من أي مؤسسة لا تعني غيابه عن المشهد؛ بل على العكس تمامًا وكما حدث لي شخصيًا، فعلى الرغم من أن لحظة تركي لإدارة فرع الاحساء كانت عزيزة علي إلا أنني منحت الجمعية وقتًا كبيرًا جدًا كان على حساب منجزي الخاص، وأن أمورًا كثيرة تراكمت وتأجلت فيما يخص مشروعاتي الثقافية المختلفة على خلفية ذلك العطاء والتفاني، ثم إن الابداع لا يرتبط بانتمائك الرسمي إلى مؤسسة ما، فالعمل موجود والتواصل مع الساحة تضاعف مرارًا ولله الحمد. * كأنك نادم على فترة إدارتك لفنون الأحساء؟. كيف أندم على فترة ذهبية لهذا الفرع، كيف أندم على نجاح غيّر من واقع الجمعية ومسارها وحقق لها الكثير من الصيت والألق حتى وإن كان على حساب وقتي وصحتي!!، كيف أندم على أصدقاء أعزاء عملت معهم بكل حب وبادلوني الحب نفسه، على العكس أنا أفخر وأعتز بأني رسمت لهذا الفرع بتوفيق من الله حالة خاصة ما زال المجتمع الأحسائي يشهد بها. بلا مفاجأة * هل فاجأك تعيين زميلك علي الغوينم بدلًا عنك؟. سبق لي الحديث كثيرًا عن هذا الموضوع؛ لذا سأوجزه في أن تعيين الأخ العزيز علي الغوينم لم يكن مفاجأة لي؛ بل هو التوقع الأقرب الذي مر ببالي لحظتها لمؤشرات أعرفها جيدًا وأدرك أبعادها، ولذلك كان الأقرب في ذهني لفرع الأحساء هو علي الغوينم، وهو صديق عمر أتمنى له التوفيق والسداد لاسيما أنني لمست لديه حماسًا لإدارة الفرع. ترشيح وانسحاب * يشاع أنك كنت أحد المرشحين والمنافسين الأقوياء لمنصب مدير عام الجمعية.. فما الذي حال بينك وبين هذا المنصب؟. حكاية ترشيحي كمدير عام للجمعية كما حدثت بالضبط تتلخص في أن الدكتور الرصيص هاتفني وعرض عليَّ رغبة الجمعية في استحداث منصب مدير عام للجمعية، وأنني كنت أحد المرشحين، إلى جانب كل من عبدالعزيز السماعيل ورجا العتيبي، ووافقت مبدئيًا ثم اتصلت بالرصيص وأبلغته برغبتي في الانسحاب والبقاء مديرًا لفرع جمعية الاحساء، وقد بررت انسحابي بعدم رغبتي في الانتقال للعمل في مدينة الرياض لظروف خاصة، حيث إن الانتقال لمدينة الرياض شرط أساسي في قبول الترشيح، فبقي للتنافس على المنصب كل من العتيبي والسماعيل وعلمت بعدها أن السماعيل تفوق على العتيبي بعدد من الأصوات، والذي أود إضافته هنا أن آلية ترشيحنا أقصت اسماء أخرى فعالة وكانت تستحق الدخول في المنافسة وأن ترشيحنا نحن الثلاثة كانت باجتهادات شخصية من الرصيص ومن حوله، بينما كنت أتمنى عدم تحييد دور الفروع ومديريها في هذا التصويت. تواصل اجتماعي * برنامجك «التواصل مع المجتمع» كان إحدى العلامات المضيئة في فترة رئاستك.. فكيف تنظر إليه؟. التواصل مع المجتمع رؤية بنيتها على تجربتي السابقة في الجمعية والطويلة التي أدركت من خلالها أن جمعية الثقافة بقدر حاجتها إلى المادة هي أيضًا بحاجة ماسة إلى مد جسور التواصل مع مجتمع لديه التباس كبير في موقفه منها، لذا أسست برنامجي الإداري خلال أربع سنوات على هذه المسألة وقد كان لبعض الزملاء بالفرع دور بارز حين تفهموا الهدف وعملوا من أجل تحقيقه ووجب هنا أن أشكرهم فردًا فردًا، فقد نجح برنامجنا ونقلنا الجمعية في المجتمع الأحسائي نقلة نوعية، وهو مكتسب مهم حق لي الافتخار به، ومن المكتسبات التي حققها برنامجي هذا الشراكات الكبيرة التي عقدتها مع مؤسسات لم تكن جمعية الثقافة والفنون في أجندتها البتة، عقود مع ارامكو السعودية، عقود مع الغرفة التجارية، شراكات مع ادارة التعليم، وجامعة الملك فيصل، ومؤسسات أخرى، وأنا لا أقول هذا الكلام من باب التبجح أو الدعاية؛ بل إنها الحقيقة وعليك أن تقرأ انجازات فرع الأحساء في جانب الشراكات من العام 1427 حتى 1432ه وتتأكد بنفسك، وأعتقد أن جوجل سيريحك في هذه المسألة. منجز وافتخار * هل من منجزات أخرى تعتز بها خلال رئاستك؟. نعم؛ وأهمها المبنى الذي استلمته الإدارة الجديدة للفرع على طبق من ذهب، فأنا وزملائي من صنعه بتفاصيله الصغيرة، قاعة المسرح وقاعة التشكيل المكاتب الإدارية والمنتدى الشعبي والقسم النسائي، وكلها بجهود ذاتية عانيت فيها الأمرين، فحق لي أن أفخر بأنني تركت لشباب الأحساء مقرًا صنعه الإخلاص والجهود الذاتية، ولذا كل ما أود قوله أن يحافظوا عليه، فقد أخذ من سنوات عمري خمس سنوات كاملة حفرت فيها الصخر ولا داعي لأن أذكر ما واجهته من معاناة ينعم بها كل من ينتمي إلى الجمعية حاليا، وأنا أحمد الله أنني وثقت بالصور والفيديو كل مراحل التحولات في المبنى المتهالك الذي منحته كل هذا الوقت والجهد والعطاء، ولا أتمنى إلا شيئًا من الاعتراف بالجميل فحسب. خطأ شنيع * ما الخطأ الذي ارتكبته سامي الجمعان خلال فترتك؟. الخطأ الشنيع الذي ارتكبته هو عدم اطلاع رئيس الجمعية الرصيص على ما واجهته من معوقات في تأهيل المبنى، فقد كنت أتحاشى أن أقحمه أو أزعجه بالظروف الصعبة التي واجهتني، بل كنت أقول له دائمًا الأمور بخير، وهذا نابع من ثقتي ولله الحمد في انني تجاوزت العديد من الصعوبات، والذي فعلته في مبنى فرع الأحساء شيء لا يصدقه غير مطلع على هذا المبنى غير الصالح للاستعمال، فهو في بداية تأجيرنا له كان خربًا متهالكًا، واذهب إليه الآن لتعرف مدى الجهد الذي عملته ومدى الجهد الذي أفنيته، وقد حرصت على تزويدكم بصور من شكل ووضع المبنى في بداية استلامي له ثم صور تبين الوضع الذي آل إليه. تحذير ونصيحة * هل من نصيحة تسديها لمديري فروع جمعية الثقافة والفنون الحاليين؟. أقول لهم بكل شفافية: احذروا أن تقوموا بما هو فوق طاقتكم، وأحذروا أن تعلو أصواتكم إعلاميًا على صوت المركز الرئيسي فذلك يزعج البعض من المسؤولين، ثم احذروا أن تجتهدوا إلا فيما يطلب منكم من عمل لأن العمل الإضافي والجهد الإضافي الذي تبذلونه من أجل فروعكم قد يكون وبالًا عليكم. تهميش ومحاباة * كيف ترى الجمعية بعد تعيين الدكتور سلطان البازعي وتغيير مجلس الإدارة؟. في أحد مقالاتي الأسبوعية في جريدة اليوم أشرت إلى هذا الأمر بوضوح تام وقلت إن البازعي سيكون رجل مرحلته إن تمكن من القبض على الأمور وعدم تركها وتفويضها كما فعل الرصيص، وأيضًا في حالة وجد الدعم المادي المطلوب فالوضع الحالي للجمعية لن يساعده على فعل الكثير، وأشرت أيضًا إلى أن مجلس الإدارة إذا لم يفعل كما يجب سيكون وبالًا على الجمعية، والبازعي رجل خبرة وتجربة ولكن عليه أن يدرك أن معضلة الجمعية تكمن في علاقتها مع المجتمع، أما مجلس الإدارة فلي عليه ملاحظة رغم تقديري لمن عينوا فيه فأنا لا أدري سر تهميش الطاقات في المناطق الأخرى في عضوية المجلس ولماذا كل المجلس من مدينة الرياض، ولا أدري تهميش من عاصروا الجمعية فعليا، وهم أدرى بحال الجمعية وبمشكلاتها، أضيف أيضًا أن البازعي ينبغي له التنبه لمطلب الكم الذي وقعت فيه جمعيات الثقافة وأعني كم النشاط فالجمعيات هذا العام تلهث وراء كم النشاط لا كيفه. تكريم مؤجل * بعد كل هذا العطاء.. أين فرع الأحساء من تكريمك؟. زارني الأستاذ علي الغوينم في منزلي مشكورًا وأبلغني برغبة الفرع في تكريمي، إلا أن ظروفًا خاصة حدثت لي مؤخرًا وارتباطات في أكثر من أربعة مهرجانات متوالية دفعتني لإرسال خطاب في شهر ذي القعدة طالبًا فيه تأجيل الموعد والواقع أنني لم أتلقَ حتى اللحظة أي رد لخطابي أو تعليق أو ما شابه. * ألا تخشى أن يكون تأجيلك للموعد فرصة لفتور همة الفرع في التكريم؟. إن كان من جدية لدى الإخوة في فرع الأحساء فلا أظن أن طلب التأجيل سيكون فرصة للتراخي عنه، فنوايا الزملاء تجاهي أحسبها صادقة لأنني على الأقل لم أترك لهم سوى الذكرى الحسنة والمنجز الذي أراحهم في نشاطاتهم ووفر لهم الوقت والجهد والمال أيضًا. بين موقفين * هل لمست الوفاء من زملائك في فرع الأحساء بعد ابتعادك عن الفرع؟. الوفاء مسألة نسبية ولا أخفيك في اعتزازي بموقف الزملاء حين قدموا استقالة جماعية على إثر استقالتي والتي زودتكم بصورة منها ردًا على من شكك في موقف زملائي لحظة أن قدموا استقالتهم الجماعية تقديرًا لموقفي ووفاء منهم لإنسان أحبهم وأحبوه، لاشك أنك قد تصدم في أشخاص، أشخاص اتحت لهم الفرصة ومنحتهم كثيرًا من الثقة والدعم في فرع الاحساء، ولكنه ديدن الحياة وطبيعتها، ففي كلتا الحالتين أنا مؤمن بأن الوفاء عملة نادرة في هذا الزمن، ومن انتظر من الجميع رد الجميل سيتعب لأن ذلك من المستحيلات، لذلك وجب أن أقدر أشخاصا أبانوا عن معدن أصيل لا يتلون بتلون المصالح ولا يتغير بتغير المواقع، ولنأخذ العبرة من موقف الرصيص من استقالتي وهو أكثر الناس معرفة بمدى الجهد والتضحيات التي بذلتها، فتعامله مع استقالتي ببرود تام وضعه في الموقف نفسه بعد سبعة أشهر فقط من استقالتي، حين فتح الجريدة ذات صباح ليكتشف بأنه أقيل من منصبه دون أن يعلم، وبتعيين الدكتور سلطان البازعي بديلًا عنه، الحياة هكذا. كيان مهم * ما الخلاصة التي حصدتها من علاقتك بجمعية الثقافة والفنون؟. أنها كيان مهم في المجتمع؛ بيد أنه بحاجة ماسة لتغيير استراتيجيات التواصل مع المجتمع، وبحاجة إلى تطوير آليات عمله، وبحاجة ماسة لصنع بنى تحتية لفروع متهالكة وخربة، أما الأهم فهو إعادة النظر في اللجان وطرائق تشكيلها، وفي هذا السياق انا متفائل بوجود الدكتور سلطان البازعي لتحريك هذا الجمود الإداري أو الهيكلي في الفروع، وإعادة النظر في المنجز الكم من المنجز الكيف، كما أن نظام الانتخابات الذي تم الإعلان عنه مرارًا هو الضامن الحقيقي لخلق واقع فني ثقافي فعال في جمعيات الثقافة والفنون بعيدًا عن سلطة المزاج الخاص، والمحاباة والمجاملات، للجمعية دور كبير لم يعِ المجتمع أهميته لسبب بسيط هو انغلاق الجمعية على النخبة فحسب. تنظيم مفقود * كيف تقرأ المسرح السعودي بوصفك أحد المتخصصين أكاديميا في هذا المجال؟. هناك كوكبة رائعة من المسرحيين السعوديين لم يكتب لهم أن تولتهم جهة لتنظم عملهم وهذا في رأيي دور يجب أن تقوم به الوزارة، فنحن نمتلك طاقات هائلة في الأحساء والدمام والرياض والقصيم والطائف وجدة ونجران والآن بدأ الحراك في أبها وجيزان والشمال، لدينا من الخبرات المسرحية ما يمكن أن تصنع المستحيل وتنافس، لاحظ المشاركة الفاعلة للطائف والرياضوالأحساء والدمام في المهرجانات الخارجية، لقد أنجزنا ما لا نتوقع إنجازه على جميع المستويات. كشف الحيل * منجزك العلمي الأخير دار حول الرواية النسائية السعودية.. فما الذي تطرحه فيه؟. في هذا المنجز العلمي أقدّم أطروحة حول خطاب الرواية النسائية وتحديدًا لدينا في المملكة العربية السعودية، وتوصلت من خلال هذه الدراسة التي مسحت تاريخ الرواية النسائية من أول رواية نسائية سعودية إلى آخر رواية صدرت عام 2009م، وتوصلت إلى نتائج جدلية ومثيرة للدهشة في شأن الخطاب الذي تبنته الروائية السعودية وناضلت رواياتها من أجله، وأبرز ما توصلت إليه أنه خطاب متشنج مكتنز بالغضب على الرجل والمجتمع، وموشوم برغبة البوح، وبصوت النحيب والانكسار في آن، كما رصدت فيه تحولًا واضحًا في مستوى الخطاب من جانب، وتحولًا من جانب المستوى الفني وفنية الكتابة الروائية، كما إنني أعتز في هذه الدراسة بباب جديد على الطرح هو حيل الخطاب الروائي النسائي التي ابتكرها أو سنها لجعل خطابه أكثر تأثيرًا لدى المتلقين، ونتائج أخرى لا يتسع المجال لذكرها.