سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ما أسباب العنف ضد المرأة؟(1) ثلث نساء العالم يتعرّضن لمختلف أنواع العنف, ويرجع هذا في المقام الأول إلى موروث فكري وثقافي يمتهن المرأة ويحقّر من شأنها ويسلبها أهليتها
يحتفل العالم في 25 من نوفمبر من كل عام باليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة, وهذا يعني أنّ هناك إقرارًا عالميًا بممارسة الرجال عنفًا ضد النساء, فثلث نساء العالم يتعرّضن لمختلف أنواع العنف, ويرجع هذا في المقام الأول إلى موروث فكري وثقافي يمتهن المرأة ويحقّر من شأنها ويسلبها أهليتها, لدى كل الأمم وأصحاب الديانات المختلفة بمن فيهم معتنقو الديانات السماوية, الذين ينسبون هذا العنف إلى أديانهم لتبريره, وإعطائه «القُدسية» بكونه أمراً إلهياً, مع أنّه موروث فكري وثقافي تغلغل في نفوسهم, وأصبح جينًا من جيناتهم, وعند تتبعنا تاريخ المرأة في الأديان السماوية, وفي القوانين الوضعية الحديثة نجدها تكرس العنف ضد المرأة باسم الدين والقانون, والدين يتبرأ ممّا ينسبونه إليه. فاليهود يعتبرون المرأة لعنة لأنَّها أغوت آدم، وقد جاء في التوراة :»المرأة أمرّ من الموت، وإنَّ الصالح أمام الله ينجو منها», و كانت بعض الطوائف اليهودية تعتبر البنت في مرتبة الخادم، ولأبيها الحق في بيعها قاصرة، وما كانت ترث إلاَّ إذا لم يكن لأبيها ذرية من البنين, وإلاَّ ما كان يتبرع به لها أبوها في حياته. وإذا آل إليها الميراث لعدم وجود لها أخ ذكر لم يجز لها أن تتزوج من سبط آخر، ولا يحق لها أن تنقل ميراثها إلى غير سبطها، وتكون ممتلكات الزوجة تحت التصرف الكامل للزوج، ونظراً لما تحتله المرأة اليهودية من مرتبة دنيا في المجتمع، فشهادة الرجل الواحد تعادل شهادة مائة امرأة[ دول ديرانت : قصة الحضارة,11/14] أمّا المسيحيون فلقد حمّلوها تهمة الخطيئة الأزلية, وأنّ الله حكم بسيادة الرجل عليها, وأوعز رجال الدين المسيحي الأوائل انتشار الفواحش والمنكرات إلى المرأة, وأعلنوا أنَّ المرأة باب الشيطان وقرر مجمع في روما أنَّ المرأة كائن لا نفس له، وأنَّها لن ترث الحياة الأخروية لهذه العلة، وأنَّها رجس يجب أن لا تأكل اللحم، ولا تضحك بل ولا تتكلم، وعليها أن تمضي أوقاتها في الصلاة والعبادة والخدمة، وعلى الرجال أن يمنعوها الكلام, و جعلوا على فمها قفلًا من حديد، هذا غير العقوبات البدنية التي كانت تتعرض لها المرأة باعتبار أنَّها أداة للإغواء يستخدمها الشيطان لإفساد القلوب. وفي سنة 586م عقد في فرنسا مجمع ماكون لبحث هل المرأة جسم لا روح فيه أم لها روح؟ أتعد إنساناً أم غير إنسان؟ وقبل هذا المجمع طرحت هذه التساؤلات: هل هي أهل لأن تتلقى الدين؟ وهل تصح منها العبادة؟ وهل يتاح لها أن تدخل الجنة, وقرر الجميع: أنَّ المرأة إنسان ولكنها مخلوقة لخدمة الرجل، وخلو روحها من الروح غير الناجية من عذاب جهنَّم ما عدا أم المسيح. واستمر احتقار الغربيين للمرأة وحرمانهم لحقوقها طيلة القرون الوسطى، حتى أنّ عهد الفروسية الذي كان يظن فيه أنَّ المرأة احتلت شيئاً من المكانة الاجتماعية، فقد ظلت تعتبر قاصرًا لا حق لها بالتصرف بأموالها دون إذن زوجها! ولما قامت الثورة الفرنسية «نهاية القرن الثامن عشر»، وأعلنت تحرير الإنسان من العبودية والمهانة, أعلن نابليون بونابرت في اجتماع مجلس الدولة لتشكيل دستور الثورة وقوانينها الجديدة رأيه في المرأة قائلاً:» إنَّ الطبيعة قد جعلت من نسائنا عبيداً لنا» وبموجب هذا الإعلان صدر القانون الفرنسي أستاذ القوانين الحديثة ليدفع بالمرأة إلى الهوان في أكثر من موضع فجاءت المادة 213 من القانون الفرنسي لتفرض عليها ما أوضحه الفقه الكنسي، واستقر عليه القضاء من الالتزامات التي تنص على:» ليس للمرأة التصرّف في أي شيء، ولو كان من مالها الذي كانت تملكه قبل الزواج إلاَّ بإذن زوجها, و ليس لها جنسية بعد الزواج إلاَّ جنسية زوجها, وتفقد اسم أسرتها فور الزواج لتحمل اسم زوجها, ونصّت المادة 214 على بيت الطاعة، وإلزام الزوجة بقوة الشرطة العيش في بيت الزوجية الذي يحدده الزوج، وقد طبَّقته بعض البلاد العربية التي أخذت بالقانون الفرنسي، ونسبه الكثير إلى الإسلام، والإسلام منه بريء، فالإسلام لا يجبر المرأة العيش مع زوج تكرهه. ونصّت المادة 215 من القانون الفرنسي على أنّه ليس للمرأة المتزوجة الحق في إجراء قضائي إلاَّ بإذن زوجها، وتستثني المادة 216 من هذا الإذن أن تكون مطلوبة في أمر من الأمور الجنائية، أو من الشرطة. وجاءت المادة 1124من القانون نفسه بالنص التالي: «ولا يتمتع بأهلية التعاقد ثلاثة: القاصرون، والمحجور عليهم، والنساء المتزوجات في الحالات التي حددها القانون» واستمر هذا القانون حتى عام 1928م حيث عدلت بعض نصوصه لصالح المرأة، ولكن لا تزال فيه بعض القيود على تصرفات المرأة المتزوجة. ولم يكن هذا مقصوراً على فرنسا وحدها، فكانت الحال أسوأ في بلاد أوربية معروفة بالتدين المسيحي مثل انجلترا، كما يقرر فيلسوفها الكبير «ستيوارت» أنّ ذلك لم يكن مقصوراً على القوانين المكتوبة، وإنَّما كان سارياً في التقاليد والأعراف المستقرة في الشعوب المسيحية إلى القرن الثامن عشر, بل إلى القرن العشرين، وظل القانون الإنجليزي حتى عام 1805م يبيح للرجل بيع زوجه، وحدد ثمن الزوجة بستة بنسات، وحدث أنّ إنجليزياً باع زوجه عام 1931م بخمسمائة جنيه ،ولما كان قانون بيع الزوجات قد الغي فحكم على الزوج بالسجن عشرة أشهر، وفي عام 1961م باع إيطالي زوجه لآخر على أقساط، فلما امتنع المشتري عن سداد الأقساط الأخيرة قتله الزوج البائع! للحديث صلة. [email protected] [email protected]