عاد حسن العريشي 33 عامًا وهو مواطن يعمل في القطاع الخاص بجدة من عمله مرهقا وما إن فتح باب شقته إلا وتذكر أن زوجته كانت قد اتصلت عليه تريد بعض الاحتياجات لوجبة الغداء، فهم بالنزول للبقالة المجاورة لهم، لكنه فطن أنها تقدم خدمة التوصيل المجاني، فعاد أدراجه مرة أخرى إلى المنزل متصلا على البائع، وما هي إلا لحظات وإذا بعامل التوصيل يطرق باب منزله حاملا احتياجاتهم، موفرا وقته وجهده في آن واحد. فقد دفع التنافس الحاد بين بقالات الأحياء المتجاورة بعضها ببعض في جدة إلى ابتكار حلول جديدة لجذب الزبائن وشدهم للإقبال عليها، ومن ضمن الطرق التي لجأوا إليها خدمة التوصيل المجاني للبضائع المطلوبة، رغبة في جذب أكبر عدد ممكن من الزبائن. عبدالغني حمزة «بائع في إحدى البقالات جنوبجدة» يقول: «منذ 10 سنوات وأنا أعمل بائعا في هذه البقالة ولم يكن بجواري أي بقالة، ومع مرور السنوات تكاثرت محلات المواد الغذائية والتموينية، ولأجل التنافس على استقطاب الزبائن قمت بجلب عامل لدي يعمل في البقالة إضافة إلى قيامه بمهمة التوصيل، وبعد إدخال الهاتف إلى المحل أعلنت ذلك للجيران، وأشرت إلى ذلك في لوحة المحل في الخارج مع إظهار الرقم وبالفعل نجحت هذه الطريقة في جذب عدد كبير من الزبائن إلى قائمة المستهلكين». آلية التوصيل خدمة التوصيل المجاني كان لها أثرها الإيجابي أيضا حتى على المستهلكين، فحينما استيقظت أم أحمد أصابتها الدهشة من عدم وجود كمية كافية من الأرز والزيت لتحضير وجبة الغداء، لكنها فطنت لوجود عامل توصيل في البقالة المجاورة فاتصلت عليه وما هي إلا دقائق وإذا بالطلبات تحت باب شقتهم، فيما ناولته الحساب من خلف الباب. وعن طريقة تنظيم التوصيل يقول قاسم إبراهيم وهو بائع في بقالة في جنوبجدة: «نحاول ألا يذهب العامل في طلب واحد فقط، بل نجمع له طلبين فأكثر، خاصة في الفترة المسائية والتي تشكل فترة الذروة»، مشيرا إلى أن بعض الجيران يتصلون من أجل أشياء بسيطة أحيانا تكون أقل من 5 ريالات وغالب تلك الطلبات هي من الأطفال الصغار كأن يطلبوا مشروبات غازية أو حلويات، شوكولاتة، ونحوها لكن نستجيب لهم حتى نكسب الطفل وأهله. رفض التوصيل وعلى الرغم من إيجابيات التوصيل على الطرفين «المستهلك والبائع» إلا أن له نواحي سلبية دفعت بعض البقالات إلى تجميد هذه الخدمة حتى إشعار آخر. وعن تلك السلبيات يقول عبدالقادر أكرم وهو بائع في بقالة في حي الشرفية: «لم نسلم من إزعاجات هذه الخدمة، ومن ضمنها كثرة رنين الهاتف إلى درجة أنني أتجاهل أحيانا الرد لانشغالي في حساب زبون أو مندوب مبيعات ونحو ذلك، لكن تلك السلبيات لم تقتصر على الباعة فقط بل وصلت إلى المستهلكين أنفسهم، الأمر الذي دفع بعضهم عدم اللجوء إلى هذه الخدمة إلا إذا اقتضت الضرورة القصوى ذلك، ويقول حاتم علي الحكمي: «بعض عمال التوصيل يستغلون هذه الخدمة ويلمحون بطلب مبلغ ولو بسيط من أجل التوصيل، فأعطيه كإكرامية له وليس مستحقا». ولم ينس الحكمي من ذكر أحد المواقف الحرجة مع التوصيل مما جعله يقاطع هذه الخدمة نهائيا وقال: «أتذكر أنه كان لدينا ضيوف في وجبة العشاء ونقصت المشروبات والعصائر فقمت على الفور بالاتصال على البقالة وطلب بضعة مشروبات باردة بشكل عاجل، ولكن الضيوف انتهوا من تناول الوجبة ولم يصل بعد عامل التوصيل ولو خرجت بنفسي لأتيت بها، مما وضعني في موقف حرج مع ضيوفي».