نشرت الصحف قبل بضعة أسابيع خبراً مفاده أن الهيئة العامة للطيران المدني قررت إلغاء خططها لإنشاء مطار في مدينة القنفذة بحجة أن المسافة بين القنفذة والباحة لا تتجاوز مائة وستين كيلومتراً.. استغربت الخبر واستغربت مبرراته ورأيت فيه إغفالاً لعدد من الحقائق الجغرافية والتاريخية والإدارية والسكانية لمحافظة القنفذة، تلك المحافظة التي كانت تعرف بحق أنها سلة غذاء الحجاز، وهي المحافظة التي يمكن أن تستعيد شيئاً من مكانتها التاريخية والاقتصادية لو حظيت بشيء من الاهتمام الذي تستحقه ومن أهم أركانه إنشاء مطار وإعادة تنشيط ميناء القنفذة التاريخي. تأسست القنفذة قبل أكثر من سبعمائة عام، وكانت عبر القرون الماضية مركزاً تجارياً يتوسط طرق التجارة بين جنوب الجزيرة العربية وإفريقيا وبين مكةالمكرمة، كما أنها كانت مرفأ هاماً يستقبل أعداداً كبيرة من الحجاج الوافدين من شرق إفريقيا ومن جازان واليمن، ومارس السكان في القنفذة أنواعاً متعددة من النشاط الاقتصادي مثل الزراعة وصيد الأسماك وأنواعا كثيرة من الصناعات التقليدية، ويحيط بالقنفذة عدد من الأودية منها وادي حلي الذي يفيض سنوياً بكميات من المياه تعادل إنتاج محطة من محطات تحلية المياه. يبلغ عدد سكان القنفذة حوالي مائتين وسبعين ألف نسمة ويبلغ سكان المحافظات المحيطة بها قرابة ربع مليون نسمة، وبالتالي فإن المطار الذي طال انتظاره يمكن أن يخدم أكثر من نصف مليون نسمة، أما القول بأن مطار الباحة يمكن أن يخدم القنفذة فإنه يتجاهل عدداً من الحقائق منها أن القنفذة تاريخياً كانت وحدة إدارية قائمة بذاتها، ولئن جاء ارتباطها بمنطقة مكةالمكرمة تشريفاً لها فإن أي محاولة لربط القنفذة إدارياً أو اقتصادياً بالباحة لن يكتب لها النجاح خاصة إذا علمنا أن عدد سكان منطقة الباحة بأكملها يبلغ قرابة الأربعمائة ألف نسمة، وأما القول بأن المسافة بين الباحة والقنفذة لا تتجاوز مائة وستين كيلومتراً فالحقيقة أن المسافة بين جدة والطائف هي أيضا مائة وستون كيلومتراً وبين أبها وجيزان لا تزيد عن ذلك كثيراً وهي كذلك بين الأحساء والدمام وفي كل من هذه المدن مطار مستقل، علماً بأن الطريق بين القنفذة والباحة طريق جبلي صعب. لقد صبر أبناء القنفذة كثيراً وهم يشاهدون مدينتهم تفقد شيئاً فشيئا من تراثها وقيمتها التاريخية ومن مقومات كيانها الاقتصادي، ولقد استبشروا خيراً بصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكةالمكرمة، الذي كثيراً ما أعلن أن اهتمامه ليس محصوراً بالمدن المليونية في منطقته، وهي مكةالمكرمةوجدة والطائف، ولعل في تدخل سموه لإعادة الحياة إلى مشروع المطار ما يرسم البسمة على شفاه أبناء القنفذة الأوفياء الوديعين ويعيد الطمأنينة إلى أنفسهم والثقة في مستقبل أبنائهم وأحفادهم. للتواصل: [email protected] فاكس : 02/6901502 [email protected]