بدون مقدمات، أشيد بالقيمة العلمية والفكرية والدينية لندوة الحج الكبرى التي تحرص وزارة الحج على إقامتها في كل عام، والتي تواصلت لأكثر من عقدين من الزمان، تطورت رسالتها الراقية عامًا بعد عام حتى أضحت عرسًا دينيًّا ثقافيًّا وعلميًّا وفكريًّا تشهده أم القرى، والمشاعر المقدسة في كل عام، وتدعو إليها المتخصصين والباحثين من جميع أنحاء العالم للمشاركة في العصف الذهني الراقي التي ترعاه وزارة الحج إيمانًا منها بدورها التوعوي والإرشادي والتنظيمي لخدمة ضيوف الرحمن، الذين يأتون من كل فج عميق؛ ليشهدوا منافع لهم، واستشعارًا من وزارة الحج لدورها الريادي والتوعوي في كل الأصعدة لاسيما الدينية والثقافية والخدمية، أولت الوزارة اهتمامًا لائقًا يجسد ذلك الدور، حيث أسهمت الندوات السابقة في نشر الوعي الوسطي الهادف لقيم الحج الدينية والسلوكية، وإيجاد الكثير من مفاهيم التيسير من خلال المشاركات والبحوث والدراسات والمناقشات والمداخلات التي شارك فيها علماء أجلاء، وباحثون من مختلف دول العالم متواصلين مع علماء هذا البلد الأجلاء، وعلى رأسهم سماحة المفتي وبعض أئمة الحرم المكي، وبعض من أعضاء هيئة كبار العلماء وبعض من أساتذة الجامعات السعودية والباحثين. إن هذا الزخم الراقي الذي نتج عن هذا العصف الذهني في كل ندوات الحج الكبرى ما هو إلاّ تجسيد للدور الإيجابي المعرفي والديني والخدمي الذي أنيط بدور وزارة الحج في خدمة ضيوف الرحمن، وقد شارك في ندوة الحج هذا العام علماء وباحثون تمت دعوتهم للمشاركة وفقًا لتخصصات لها علاقة بموضوع ندوة الحج الكبرى، ومن محاسن الصدف أن دعت الندوة بعض الباحثين والعلماء المرموقين الذين أصبحوا فيما بعد وزراء في بلادهم بعد دعوتهم كباحثين مثل وزير الثقافة المصري الدكتور صابر عرب، ووزير الشؤون الدينية الليبي الدكتور عبدالسلام أسعد الذي تبلغ بتعيينه وزيرًا للشؤون الإسلامية والأوقاف وهو في مشعر منى، إضافة إلى كثير من علماء ووزراء الشؤون الإسلامية أمثال معالي الدكتور نور الدين الخادمي من تونس، ومعالي الدكتور صالح الجرار من الأردن، ومعالي الأستاذ قطب سانو وزير التعاون الدولي في غينيا. إن التواصل الثقافي بين علماء المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها على اختلاف لغاتهم وثقافتهم جسّد تلك القيم الراقية التي تستلهمها وتفعلها ندوات الحج الكبرى، وفي كل عام تشهد هذه الندوات المباركات وجوهًا وعلماء وباحثين جددًا حسب علاقة تخصصاتهم مع موضوعات كل ندوة يساهمون بما وهبهم الله من معرفة واختلاف ودراية في هذا التجمع العلمي الديني الراقي، حيث تذوب كل الاختلافات واللغات، وتتوحد الغايات لتحقيق رفعة الإسلام والمسلمين، وأي شيء أكبر من نفع الأمة في مشاركة همومها، وتيسير مناسكها، وقد خرجت الندوة بتوصياتها لعنوانها «الحج عبادة وسلوك حضاري».. مختتمة جهدًا خلاقًا وخارقًا من جميع مشاركيها من أصحاب الفضيلة والمعالي والباحثين من جميع الدول الإسلامية الذين وعدوا بتبليغ رسالة الندوة في التيسير والتوعية بقيم الحج في بلادهم، وقد لمست من جميع مَن عايشوا أيام الندوة المضيئة إكبارهم لما لمسوه وشاهدوه، وقد كان لسان حالهم الدعاء الصادق لقيادة هذا البلد الأمين، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين على الجهود الخارقة والمميزة التي قدمت لضيوف الرحمن في كل الأصعدة، وللحديث بقية عن المداخلات الرائعة لمحاضرة العالم المكي الفذ صاحب المعالي فضيلة الأستاذ الدكتور عبدالوهاب أبوسليمان. ختامًا أثمن لوزارة الحج هذا الجهد العلمي التوعوي الرائع وأتمنى لندوات الحج القادمة مزيدًا من التألق والنجاح برعاية وزيرها الأكاديمي المهذب والإداري الألمعي معالي الدكتور بندر حجار وفريق عمله المثابر والمنجز والناجح الأستاذ الدكتور عيسى رواس رئيس الندوة والأمين العام للندوة الدكتور هشام عباس وجميع فريق العمل المبدع.