أكادُ أجزم أنني لم أر ولم ير غيري فيما أظن برنامجاً إعلامياً صريحاً جريئاً ثقيلاً في وزنه عجيباً في إعداده مثل برنامج الثامنة مع داود! في مناقشة قضايانا الإجتماعيةِ والإقتصادية الداخلية . ومع كل ما قيل وما يقال وما يتبرع به بعض المُحللين في المجالس عن البرنامج وأهدافهِ، إلا أنه يظل البرنامج الأكثر إثارةً وضجيجاً وفي رأيي الأكثر أثراً! وهذا هو المهم! لقد استطاع هذا الداود الشريان أن يقطعَ شَريان كثيرٍ من الملفات المُتخثِرة بحكم تقادم السنين وترهل الأزمات وطول الصمت! وبالتتبع والمشاهدة استطاع داود وبكل سهولةٍ واقتدار وحرفية أن يكشف الوجه الكئيب والقبيح لكثير من القطاعات والجهات في طبيعة عملها ومصداقيتها وأدائها وتعطل مشاريعها! رأينا وسمعنا عن حالات إنسانية صعبة مبكية؛ عن معاناة كثير من المواطنين من قضايا وملفات عتيدة لم يأن الأوان بعد ولم يحن لإيجاد حلولٍ لها أو التخفيف منها! ومنها: الفقر والمحتاجون؛ وبطالة الشباب؛ ومعاناة المعلمات في التنقل من وإلى مدارسهن وما يتعرضنّ له من أخطار وفواجع وشتات كُلهُ من أجل فتاتٍ من المال! استطاع داود أن يُخضع ضيوفه من كبار القوم وصغارهم إلى المحاسبة والمكاشفة وأن يُسمعهم ما لم يسمعوا من قبل! يعني (برّد قلوبنا)!! قيل: ما الفائدة، ما الأثر، ماذا حصل بعد ذلك؟! قلتُ: ليس من واجب الإعلام أن يُقدّم الحلول على أرض الواقع فهذه مسؤولية أصحاب القرار من وزراء ونحوهم، إنما واجب الإعلامي أن يُقدِّمَ القضية ويظهرها بكل مصداقية وتجرد وشفافية مع توفر المعلومات الصحيحة والإعداد الجيد، ويُقدِّم الصورة كاملة للمسؤول وللمواطن على حدٍ سواء! ولاشك أن نبش هذه الملفات ومكاشفة المعنيين له أثرهُ وثمرته ولو بعد حين! ولكن المهم: أن هذه الحلقات مؤلمة ومزعجة وتنبيء عن وضعٍ لا يليق بمكانة هذه البلاد وما حباها اللهُ به من مقدرات وثروات.. بل ولا تتوافق مع توجيهات وتطلعات قادة هذا الوطن! زبدةُ القول: سرْ (يا داود) في الكشفِ والمُكاشفة؛ وجردِ الحسابِ والمُحاسبة، فهناك رؤوسٌ أينعتْ وعقولٌ ترهلتْ وأنظمةٌ عفا عليها الزمن؛ حان إحضارها إلى مائدتك الساخنة لتنظر إليها بعينيك المُرعبتين حتى يميلَ العقال ليصلح بإذن الله الحال والمآل!! [email protected]