كان زمان الذي ينجح ويحصل على شهادة الكفاءة المتوسطة يعتبر أبهة وماحد قده - ويذكرني ذلك بقصة سمعتها عن أحد البسطاء اسمه صادق عدى الكفاءة بالكلفة وبصعوبة وهذا يعتبر انجازا ومفخرة له بين الآخرين وهو عمره في حياته ما كانت شهادته خالية من الكعكات والدوائر الحمر التي تحلي أي شهادة فأصبح لا ينام، يفكر ويسأل وهو من جماعة واسطته الذي خلقه وبحث حتى تعبت الأرض من تحته ونشف ريقه عن وظيفة يعين ويساعد مدخولها في مصاريف بيت أهله وأكرمه الله بعمل في مدينة جدة وفي نفس اليوم الذي تعين فيه استأجر شقة في مساء حالك الظلمة واستلم مفتاح الشقة وأخذ يحط ويشيل ويرفع هذه وذيك وتلك، بعدها غسل وجهه وأياديه وأكل لقمة على الماشي، ويادوبك فرد السرير وحط الطراحة والمخدات واتغطى بالشرشف وحط راسه ورقد وبدأ سيمفونية شخير ، غلبان طلع عنده الجيوب واللحمية يبغالها بخاخ، وذلك من كثر ما عانى وداخ السبع دوخات في البحث عن بيت يستأجره وحينما وانبلج نور الفجر وامتدت اشعة الشمس باسطة ضوئها ودفئها قام فزعا من نومه واعتقد انه كابوس ولكن الامر مستمرا هرج ومرج واصوات تصم الأذن، وأول ما جاء على باله أن كارثة ما حصلت كوقوع مبنى لا قدر الله أو حريق كبير أو ناس تماسكوا (تضاربو) ما حد قادر يفك بينهم، قام على جمهرة اصوات لم يألفها ربما سمع عنها ولكنه لم ير أو سبق له الوصول الى مكان يشبه مكان مطلقي تلك الأصوات - عشرة عشرة عشرة من يزود مزايدات يعج بها المكان وتملأ فضاءات كانت منذ قليل تغط في سبات تكتنفه احلام اقل ما يمكن تفسيرها احلام بسطاء هدهم الهم والغم والتعب والكد والنكد تلك في مجملها تعني مجموعة الفقر. انه احد الذين يبحثون عن فرصة للبقاء ولتحسين الوضع، فز من على شئ قد يطلق عليه سرير كله سست لا يزيد ثمنه خمسة عشر ريالا، وبركة ضربت السوستة في الجدار ولم يكن يوجد احد والا كان لا سمح الله عورت الجالسين، وتسببت له بجرح غائر يصبح فيما بعد او بعد شفائه علامة فارقة ليقال صادق به شج في الجبهة قرب وحمة زيتونة سوداء اعلى عينه اليسرى يالطيف يالطيف على علامة فارقة ولا يافطة سوق عكاظ ولكن الله سلم ولم يحدث شيء من هذا القبيل ولكن حين نزول قدميه على الارض ومن الفجعة وهزة البدن والربشة والرجفة جاله (باركنسون مؤقت) اصاب رجوله وما زالت الاصوات تزداد وتعلو وتعلو ولا تتوقف ولا شيء سوى الاسعار والأرقام وحيث أنه قضى تلك الليلة حتى منتصفها وهو يكنس ويغسل ويرتب لذا فإنه من المؤكد أنه قد انهك بما فيه الكفاية. وأصبح كالعطبة و كان اتجاهه نحو النافذة الوحيدة في الغرفة ليرى ماذا يجري في الشارع وما سبب تلك الضجة والهوجة، مضحك ان نتخيل شخصا نصف نايم او نصف صاحي يقوم من نومته او من سباته يستجمع قواه الخائرة بعيون كلها نوم منكسرة، بحلق وفركها كثيرا حتى تتضح له الرؤية ويشوف وكان يجري فزعا وجراء ذلك ومن سرعته التي جعلته لا يلحظ ولا يأخذ باله ولا يشوف اللي قدامه من أشياء مبعثرة،ولم تأخذ سرعته تلك اكثر من تكه او بضع ثوانٍ يعني لمحة بصر الا والغلبان تدحرج وطاح وانهبد وتكوم في اخر الغرفة التي لا تزيد مساحتها عن 3×3 كان ارتطاما لجسده النحيل ببلاط وارضية الغرفة غير المستوية من كل النواحي زي بعض شوارع جدة الان، لقد اصابته رضوض وكدمات بأنحاء متفرقة في جسمه والحمدلله لم يصدر عن ذلك كسور والسبب في هذا كله انه كاد ان يدعس برجله على براد الشاهي وأصابه خوف من أن ينكسر أو يتلف البراد وانه حس برجله لمست البراد قام بحركة بهلوانية ولو كان متينا كان اخذ في رجوله كل الذي قدامه هذا عشان يتفادى البراد. أما الذين في الشارع ما زالوا في مزايداتهم وبعد اكثر من عشر دقائق قام ليلقي نظرة ويشوف من النافذة ايش الهرجة، وبعد تمعن وتبصر شديدين اتضح له انه سكن في احدى العمارات الموجودة في باب شريف أسفلها حراج حيث كل شيء قديم على جديد مستعمل، وهكذا حتى حلم بسيط في ليلة كتلك بفرحة استئجار شقة غربية هواها بحري لم تدم اكثر من نص يوم ،حمل بعدها بقشة الحوايج وكرتون أدوات المطبخ والكراكيب والسرير أبو سست، وبعد بحث وعناء الله سهل وصخر له ببيت شعبي فيه شجرة لوز هندي والبيت محوط من ناحية بمطحنة سمسم اشترى منها قوارير زيت سمسم وطبعا هذا جاء على طبطابة فصادق يحب المروخ ومن الناحيه الثانية مقلاية فصفص زي الفتسق، وكم كانت فرحة صادق لا توصف طول الليل والنهار تفكير والله في التدبير ونعم بالله ولكنه الفقر، قاتل الله الفقر. مستشار إعلامي