معنى هذه القاعدة أن العبادات لا تصح شرعًا إلا بشرطين: أولهما أن تكون متفقةً في الواقع مع الأحكام الشرعية, وثانيها أن يغلب على ظن المسلم المكلف أنها موافقةٌ للأحكام الشرعية. ولنأت بهذا المثال التوضيحي لهذه القاعدة الفقهية, من الثابت شرعًا أن الصلاة المكتوبة لا يصح أداؤها قبل دخول وقتها, فإذا أراد المكلف أن يؤديها فإنه يجب عليه أن يتيقن أو يغلب على ظنه أن وقتها قد دخل, وفي نفس الوقت يجب أن تقع الصلاة في الوقت فعلًا, فلو تحقق واحد من الأمرين فقط لم تصح الصلاة, بمعنى أن المكلف إذا غلب على ظنه أن الصلاة قد دخل وقتها, فصلاها, ثم تبين له لاحقًا أن وقتها لم يدخل بعد, وجب عليه إعادتها, وينطبق نفس الحكم إذا صلى المكلف الصلاة المكتوبة بدون غلبة ظن منه أن وقتها قد دخل, فإن صلاته غير صحيحة ولو وقعت في الوقت. ومن الأمثلة التوضيحية أيضا أن الصلاة يشترط لها الوضوء بماء طهور, فيجب على المكلف أن يتيقن أو يغلب على ظنه أن الماء الذي يتوضأ به ماء طهور, وفي نفس الوقت يجب أن يكون الماء طهورا في نفسه, فلو تحقق واحد من الأمرين فقط لم تصح الصلاة, بمعنى أن المكلف إذا غلب على ظنه طهورية الماء, فتوضأ به وصلى, ثم تبين له لاحقًا خلاف ذلك وجب عليه إعادتها, وكذلك إذا توضأ المكلف بماء بدون أن يغلب على ظنه طهوريته, فإن صلاته غير صحيحة ولو كان الماء طهورا فعلًا. ومن الأمثلة التطبيقية لهذه القاعدة ما لو اختلف المسلمون في دخول شهر رمضان, فصام أحدهم يوم الشك صوما احتياطيا وليس صوما ناشئا عن يقين أو غلبة ظن, فإن صومه غير صحيح حتى لو كان من أيام رمضان, فيجب عليه قضاؤه؛ لأن العبرة في العبادات يكون بما في نفس الأمر وبما في ظن المكلف. ولعل سائلا عن سبب بطلان العبادة إذا تحققت شروطها الشرعية فعلًا, ولكن المكلف لم يغلب على ظنه تحقق تلك الشروط أو بعضها, والجواب أن المكلف إذا لم يغلب على ظنه تحقق الشروط أو بعضها فإن هذا يعني أنه دخل في عبادة يشك في صحتها ويتردد في نيتها, والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الأعمال بالنيات»رواه البخاري ومسلم.