جاءتني استفسارات من القراء عن مقال سابق طرحت فيه فكرة تشكك في جدوى تطبيق نطاقات الأجور التي تزمع وزارة العمل البدء به في ربيع الأول، لأنه يخالف قوانين الإدارة من أساسها ويقولون كأن التخويف المطروح في المقال مبالغ فيه لذلك رأيت شرح الفكرة بتفصيل أكثر: فكرة نطاقات الأجور مبنية على مبدأ مادي بحت، أن يتم حساب نسبة السعودة بإجمالي قيمة رواتب السعوديين، وليس بإجمالي عددهم، فليس مهماً كم توظف بل المهم كم تدفع لهم، والفكرة مقبولة، لكن التطبيق خطأ، فالإدارة مبنية على هرم من مستويات متعددة وكل موظف يوضع في مستواه حسب مؤهله وحسب خبرته وحسب نجاحه في المستوى السابق وهناك وظائف قيادية يقود فيها المدير مجموعة تعمل تحت إشرافه من الموظفين الذين يدخلون في نطاق عمله، وبالمقابل عليه واجبات ومسؤوليات أكبر منهم تتناسب مع الراتب والمنافع المرتبطة بالمنصب الذي يشغله، ولا ترتبط بالشخص نفسه ولا بجنسيته. لذلك عندما تشترط وزارة العمل توظيف الشاب السعودي في راتب معين ومنافع معينة بغض النظر عن مواصفات الوظيفةً المكلف بها ومسؤولياتها، وبدون تطابق بين المؤهل والوظيفة، فقط بسبب أنه سعودي سوف يتعارض مع الهيكل التنظيمي، وسوف يكون ذلك أول إضطراب في الهرم الوظيفي في الداخل. وحتى تنصاع جهة التوظيف لتعليمات نطاقات الأجور الجديدة لقياس السعودة بقيمة رواتب السعوديين بغض النظر عن المؤهلات وطبيعة العمل، يمكن أن تجد السعودي يستلم مرتبا ومنافع أكبر من رئيسه المباشر وهنا سيشعر الموظفون بغبن وظلم، لفض العلاقة بين المرتب ومسؤوليات الوظيفة، من يعمل أكثر ويتحمل مسؤوليات أكبر ويتحاسب عليها أكثر يستلم مرتبا أقل، وقد يكون أقل ممن يعمل تحت إشرافه. يعني سابقاً كنا نعتبر السعودة بطالة مقنعة، واليوم سيضاف للسعودة هدر مالي مقنع، وأخيرا حتى لا تفقد موظفيها ولا تفقد حماسهم، تقوم جهات التوظيف برفع رواتب الجميع، وبذلك سوف يرتفع سلم الرواتب بدون مبرر وبدون زيادة في الإنتاج ولكن لمجرد تلبية متطلبات نطاقات الأجور وتجميع رواتب الموظفين السعوديين، وهذه سوف تسبب تضخما وتضجر المستهلك من ارتفاع للأسعار غير المبرر.