شدني إليه ذلك المنظر المؤثر في موقف نزل الحجاج بحي الصحيفة بجدة، حيث كانت كلتا عينيه تذرف الدموع، وجسده محتضنًا أجساد رفاقه، حزنًا على فراقهم بعد ملازمتهم طوال رحلة العمر. عقارب الساعة إذ ذاك تشير إلى الخامسة مساء، وبالتحديد في موقف إنزال الحجاج والمعتمرين بحي الصحيفة، في مشاهد بانورامية لتوديع رفاق رحلة العمر، اختلطت فيها دموع الحزن بدموع الفرح، أسرتني مشاعر الحجيج وهم يودعون رفاقهم بعد أن قضوا قرابة أربعة أيام جنبًا إلى جنب، فيما لم يتوقف رنين هواتفهم النقالة وهم يتلقون التهاني من أقاربهم وأحبابهم بعد أن منّ الله عليهم بأداء الفريضة في يسر وسهولة، وثمة حجاج آخرون منشغلون بالتفاوض مع سائقي سيارات الأجرة لتأمين المواصلات إلى سكنهم. كما استوقفتني تلك اللوحة الرائعة التي جسدتها تلك الأجساد وهي تحضن بعضها ببعضًا حيث خرجوا بعد أداء هذا النسك العظيم وقد تعرفوا على إخوة لهم في الإسلام، وتعاهدوا فيما بينهم على عدم الانقطاع والتواصل وتذكير بعضهم بالرحلة الإيمانية التي حرصوا على توثيقها بعدسات هواتفهم الذكية. الكثيررررري