من المحزن أن يعيش المرء بلا ثقافة تهديه إلى قيم حياتية بنّاءة وخلّاقة؛ وتجعله إنسانًا منضبطًا في وجدانه وآرائه وأفكاره، وكنتُ وما زلتُ أرى أن أي شخص يعيش بلا وعي وثقافة يتحوّل إلى إنسان جاهلي تتنازعه الأحقاد تارة، وتأخذه الأهواء وتغلبه النفس المريضة والحاسدة! ومن هنا فإن تقدم الأمم والشعوب مرهون باعتلاء المثقفين وأصحاب الكفاءات سدة القيادة في أي مجال ولا سيما ما يتعلق بالشؤون المدنية والثقافية. ومن المعيب حقًا لأي إنسان أن يحكم على الأمور من حوله من خلال أحقاده أو مزاجه الشخصي؛ فلا يمكن لأي أحد أن يُصنِّف الناس ويقيّم الآخرين حسب أمراضه الداخلية أو لمجرد الاختلاف معهم؛ تلك برأيي ثقافة الجهلة الذين يعشقون تجريد المثقفين والمبدعين والناجحين من أي نجاح ثقافي أو أكاديمي، هؤلاء يحاولون السباحة عكس التيار، ويبتدعون أنظمة من تلقاء أنفسهم الحاقدة لإطلاق الأحكام على المميزين بأساليب تمتاز بالعنصرية والجهل والغيبة في كثير من الأحايين! بل إن بعضهم صار يهرول إلى الإنترنت مستخدمًا الأسماء المجهولة والكنى محاولًا النيل من كل مبدع ومثقف؛ ويستميت في الازدراء والتهكم على كل ناجح بطرق فجة تنم عن جهل بكل شيء؛ وكأنه إنسان حجري يعيش في العصور الأولى! ولمثل هؤلاء نقول: إن المجتمع المتحضر والمثقف بلغ شأوًا عاليًا في الفهم والإدراك، ويكفي أن العلم الآن صار يصل إلى محبيه من خلال الإنترنت، وأصبحت كبرى الجامعات العالمية تمنح الشهادات العليا لكل مستحق لها بواسطة البحث العلمي الذي يميز المتعلم من الجاهل الذي يعتقد أن عصر الحفظ والتلقين هو الفيصل للحكم على الخبراء والمثقفين والباحثين! ليت الجهلة الذين وصل بعضهم إلى مركز قيادي في «قطاعٍ ما» بالواسطة أو بطرق ملتوية يدركون أن الزمن تجاوز أمراضهم وأحقادهم وجهلهم، ولا شك أن قتالهم الشرس لإبعاد المبدعين ومحاربة الناجحين لن يعود إلا إلى نحورهم! وما يبهج حقًا أنهم يعرفون في مكنون أنفسهم بأنهم من الفاشلين الذين لم يقدموا لمجتمعهم أي إنتاج أو إبداع يذكر..! [email protected]