لا أعرف ما إذا كانت إجراءات وقواعد لقاءات أعضاء مجلس الشورى مع الوزراء والمسؤولين في الدولة قد اختلفت أو تغيرت كثيرًا منذ كنت عضوًا في مجلس الشورى في دورته الثانية (1998-2002) وحتى اليوم. ولكن ما أعرفه جيدًا هو أن استجواب الوزراء في البرلمانات يعتبر من الأدوات الهامة التي بواسطتها يستطيع النواب القيام بمهمة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية حيث يتمكّن النواب من مساءلة الوزراء عن المخالفات القانونية والإدارية التي تقع منهم أثناء تأدية الوزير لمهمته الوزارية. والمادة (22) من نظام مجلس الشورى السعودي تنص على الآتي: "وعلى رئيس مجلس الشورى أن يرفع لرئيس مجلس الوزراء بطلب حضور أي مسؤول حكومي جلسات مجلس الشورى إذا كان المجلس يناقش أمورًا تتعلق باختصاصاته، وله الحق في النقاش دون أن يكون له حق التصويت". هذه المادة رغم اعتقاد البعض بأنها تحد من صلاحيات مجلس الشورى في استدعاء مسؤولين حكوميين متى شاء المجلس ذلك، فأنا على العكس أرى أنه يمكن للمجلس استدعاء المسؤول المعني لمناقشته في أمر من أمور وزارته، أو إعادة فتح نقاش حول تقرير سبق بحثه من قبل. فعلى رغم تأكيد خادم الحرمين الشريفين أن للمجلس سلطته الرقابية في لقائه مع الأعضاء، وحثه -حفظه الله- لهم لأداء هذا الدور، إلا أن هذا الدور ما زال قاصرًا. فما زال استدعاء وزير أو مسؤول للمجلس خاضعًا لموافقته. فإذا تفضَّل بالحضور فإن مهمته لا تخرج عن إلقاء بيان مُعد مسبقًا أمام المجلس.. ومن ثم الانصراف، كما يُترك له الحق، إذا أراد، أن يقبل أو يرفض الإجابة عن أسئلة أعضاء مجلس الشورى التي تكون علي هيئة "استفسار".. وليس "استجواب" من الأعضاء للمسؤول الحكومي، وفي هذا تحجيم لدور المجلس الرقابي الذي يعتبر أحد ركائز عمل المجلس. ولا أنسى لقاءً مع وزير سابق كانت وزارته تمر بمشكلات كبيرة أثرت في تقديم خدمات الوزارة للناس. فقد أبلغنا الوزير من البداية أنه ما جاء للمجلس إلا بتوجيهات من الملك عبدالله (ولي العهد آنذاك)، وإلا لما كان حضر إلى المجلس أصلًا؟! ثم قام بقراءة بيان سبق وأن نشرته الوزارة في الصحف قبل أيام. وكان اللقاء مع الوزير إجمالًا مضيعة للوقت. ورأيت في مداخلتي حينها أنه كان حريًا به لو وفّر وقته الثمين ووقت المجلس وأعضائه وبقي في مكتبه يُعالج مشكلات وزارته المتراكمة بدلًا من لقاء لا فائدة منه ولا ثمرة له!! إن الاستجواب بحسب أهدافه وغاياته لابد أن يستهدف تحقيق المصلحة العامة، وأن تكون غايته ضبط أداء العمل الحكومي. وإذا ما تم ذلك من قِبَل المجلس فسوف يرسي الكثير من المبادئ التي من شأنها أن تساهم في تفعيل الرقابة على العمل الحكومي. نافذة صغيرة: (مجلس الشورى يتكامل في دوره الرقابي مع ما تقوم به أجهزة الرقابة الحكومية المركزية كديوان المراقبة العامة، وهيئة الرقابة والتحقيق، والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد للتأكد من حسن الأداء وتحقيق النزاهة في إدارة المال العام والخدمات العامة).. د. فهاد بن معتاد الحمد - مساعد رئيس مجلس الشورى. [email protected] [email protected]