عندما تحذف «التواريخ» عن وثيقة لوكالة الاستخبارات الامريكية رفعت السرية عنها مؤخرا وتقرأها بموازاة تقرير مشابه لحرب ال18شهرا الجارية حاليًا في سوريا يمكن ان توضع الوثيقة باطمئنان على طاولة وزير الدفاع الامريكى الحالي ليون بانيتا وتكون شبه مطابقة للواقع على الارض لكن محللي وكالة «السى اي ايه» كتبوا هذه الوثيقة في أبريل عام 1982، أي قبل 30 عاما وحررت مباشرة بعد مجزرة حماة المروعة التي وقعت ايام كان حافظ الأسد فى سدة الحكم واستخدم «الاسد الاب» حينها الطائرات والمدفعية لتسوية المدينة بالكامل مع الأرض والقضاء على الانتفاضة التي قادها «الإخوان المسلمون». وتبدو أوجه التشابه لافتة للنظر بين نظامي «الاسدين الاب والابن» فالنظامان يستخدمان نفس تكتيكات القمع الوحشية ويقصفان المدن بالطائرات والدبابات ويستهدفان المراكز الحضرية للانتفاضة، ولا يهتمان بالخسائر في صفوف المدنيين. وتصف الوثيقة كوادر الإخوان المسلمين بانهم «تمردوا بعنف» مما «أجبر بدوره حكومة دمشق أيضا لتصبح أكثر دموية في قمعها لانتفاضة اهالي حماة». وخلص محللو «الاستخبارات الامريكية» فى ورقتهم الى عدة نتائج تمخضت عن مجزرة حماة منها ان قيادة الإخوان المسلمين ادركت انها وضعت حكومة حافظ الأسد في خانة «عدم الانتصار على حماة» فيما توصل حافظ الاسد الى انه اذا لم يتصرف بسرعة ويحسم الموقف بعنف في حماة فسينتشر التمرد بشكل واسع في مدن اخرى. لقد ادى استخدام حافظ الاسد للمدفعية والطيران ضد الكل في حماة إلى كسر المقاومة في المدينة وأرسل رسالة إلى المناطق الأخرى بأن لديه القدرة والوسائل للاحتفاظ بالسلطة.. وروعت تصرفات الحكومة قطاعا عريضا من مكونات المجتمع السوري وتسببت فى نشر الرعب والخوف بينهم. لقد جافت ورقة الاستخبارات الامريكية التي صاغتها عام 82 حول مجزرة «حماة» حقائق أصبحت معروفة في الوقت الحالي وتم التوصل اليها بفضل جهود باحثين ومراقبين ويتمثل ذلك فيما ورد في وثيقة الاستخبارات الامريكية التي ذكرت ان قتلى مجزرة حماة بلغ 2000 شخصا وهو رقم يعدله الصحفي البريطاني روبرت فيسك الذي زار مدينة حماة ونقل عن لجنة حقوق الإنسان السورية قولها: ان عدد القتلى في مجزرة حماة يتراوح بين 20 و40 ألف قتيل وكلهم قتلوا خلال شهر فبراير عام 1982م وخلال اسابيع قليلة. وعند النظر الى ما يجري حاليا في سوريا في ظل نظام بشار الاسد «الابن» تقول التقارير ان عدد الضحايا وصل الى 30 ألف قتيل في 18 شهرًا بناء على معلومات مركز توثيق العنف في سوريا ومفوض مجلس الأمن السامي للاجئين.. وكان شهر أغسطس الماضي عام 2012 هو الأكثر دموية اذ تجاوز عدد القتلى 5 آلاف شخص معظمهم من المدنيين. لقد بدت جذور الصراع الحالي في سوريا حاليا واضحة للعيان وفق تحليل «الاستخبارات الامريكية» والذي يرجع الى 30 عامًا مضت وقراءته بمقاربة مع يجري حاليا في سوريا تجعل المرء يعيد صياغة المقولة المشهورة «عن أن التاريخ يعيد نفسه في المرة الأولى كمأساة والمرة الثانية كملهاة لكن في سوريا فإن المرة الثانية مأساة أيضا».