منذ أن كانت حماة، كانت عصيّة على كل الأنظمة. لم تهادن الوحدة بين مصر وسورية، كما لم تستكن لوصول حزب البعث إلى السلطة، فكانت الانتفاضات المتلاحقة ضده، وربما أبرزها انتفاضة 1982، حيث شن النظام أوسع حملة عسكرية ضد المعارضة في حينه، أودت بحياة عشرات الآلاف من أهالي المدينة. بدأت المجزرة في 2 فبراير عام 1982 واستمرت 27 يوما. حيث طوق النظام السوري حماة وقصفها بالمدفعية ومن ثم اجتاحها عسكريا، وارتكب مجزرة مروعة كان ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين من الأهالي. وكان قائد تلك الحملة العقيد رفعت الأسد شقيق الرئيس حافظ الأسد. بدأت الحملة على حماة بتطويقها وقصفها بالمدفعية ومن ثم اجتياحها عسكريا، بهدف إخماد ثورة الإخوان المسلمين. بلغ عدد ضحايا المجزرة حسب تقدير اللجنة السورية لحقوق الإنسان ما بين 30 و40 ألف إنسان، غالبيتهم العظمى من المدنيين، و1000 من الجنود، ودمرت أجزاء كبيرة من المدينة. يعتبر ما شهدته تلك المدينة التي تتوسط الأراضي السورية ويقطنها قرابة 750 ألف نسمة، الأكثر مرارة وقسوة قياسا بحملات أمنية مشابهة، فقد استخدمت حكومة الرئيس حافظ الأسد الجيش النظامي والقوات المدربة تدريبا قاسيا ووحدات من الأمن السري في القضاء على المعارضة واجتثاثها. وتشير التقارير التي نشرتها الصحافة الأجنبية عن تلك المجزرة إلى أن النظام منح القوات العسكرية كامل الصلاحيات لضرب المعارضة وتأديب المتعاطفين معها. وفرضت السلطات تعتيما على الأخبار لتفادي الاحتجاجات الشعبية والإدانة الخارجية. وتطالب المنظمات الحقوقية بتحقيق دولي مستقل في أحداث حماة، ومعاقبة المسؤولين عن المجزرة التي تعتبر الأعنف والأكثر دموية وقسوة في تاريخ سورية الحديث. أرقام الضحايا تراوحت تقديرات الضحايا ما بين 7،000 إلى 35،000 قتيل، ومنهم حوالي 1،000 جندي. وحسب تقديرات الصحفي روبرت فيسك، الذي زار حماة بعد فترة قصيرة من الأحداث فإنها وصلت لأكثر من 10،000 شخص. وقدرت صحيفة الإنديبندنت عدد القتلى بأكثر من 20،000. وحسب الصحفي توماس فريدمان، الذي سمع من أصدقائه نقلا عن رفعت الأسد فإن الضحايا يفوقون ال 38،000 شخص، أما منظمة العفو الدولية فقدرت القتلى بداية بنحو 10،000 و25،000، غالبيتهم العظمى من المدنيين الأبرياء. وقدرت جمعيات حقوق الإنسان السورية الضحايا بأكثر من 25،000 أو ما بين 30،000 إلى 40،000 قتيل. وقدر الإخوان المسلمون عدد الضحايا بحوالي 40،000 شخص. خلفية كانت الأسر الإقطاعية في حماة والأسر التابعة لها في المدينة والريف تشكل تكتلا سياسيا واجتماعيا وانتخابيا في مواجهة الاشتراكيين العرب منذ بدء حركة القوميين العرب. وتجلى ذلك بوضوح في الانتخابات النيابية التي جرت عام 1943. فقد انضم إلى هذا التكتل بعد الانفصال الإخوان المسلمون فخاض هذا التكتل الانتخابات التي جرت في عهد الانفصال بقيادة ما أسموه لجنة أحياء المدينة، ولكن النجاح لم يكن نصيبه، وقاد الحلف في أوائل عام 1964 ثورة مسلحة في حماة لإسقاط حزب البعث، بتشجيع من مصر والعراق، كما جرت قبل هذه الثورة التي بدأت في السابع من أبريل محاولات من قبل الناصريين والإخوان المسلمين للقيام بإضراب ومظاهرات في بعض المدن السورية تمهيدا للثورة ولكنها باءت بالفشل. حدث أول صدام بعد انقلاب عام 1963 حيث تولى حزب البعث الحكم لأول مرة. ففي أبريل 1964 اندلعت أعمال الشغب في حماة، حيث وضع الإخوان المسلمون حواجز طرق، وخزنوا كميات من الأغذية والأسلحة، واقتحموا محلات بيع الخمور. وانتشرت أعمال العنف وهاجم المسلحون كل ما يخص حزب البعث في حماة. واستعان النظام بالدبابات لقتالهم، حيث وصل عدد القتلى إلى أكثر من 70 شخصا، وجرح وقبض على الكثيرين، وفقد آخرون تحت الأنقاض. عام 1979 نفذت جماعة الإخوان المسلمين أنشطة عسكرية في العديد من المدن استهدفت الضباط المسيحيين، فضلا عن تدمير البنية التحتية. وشمل القمع الناتج عن تلك الهجمات، القبض العشوائي على الكثير من الأشخاص، وعددا من المجازر. وأسفرت الأعمال ضد النظام الحاكم، عن مقتل 83 شخصا، أكثرهم من الطلاب العلويين في مدرسة المدفعية في حلب في يونيو 1979، وثلاث هجمات وتفجير سيارات في دمشق ما بين أغسطس ونوفمبر 1980، أسفرت عن مقتل 100 شخص. وفي يوليو 1980، كانت العضوية في جماعة الإخوان المسلمين عقوبتها الإعدام، طبقا للقانون رقم 49. طوال السنوات الأولى من الثمانينيات، شنت جماعة الإخوان المسلمين وجماعات إسلامية أخرى، هجمات على الحكومة وعلى ضباطها، وتضمن ذلك محاولة اغتيال الرئيس حافظ الأسد في 26 يونيو، 1980، أثناء مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس مالي. هاجم أفراد من جماعة الإخوان المسلمين ليلا طلاب مدرسة المدفعية في حلب. وبعد قتل الحرس، قتل معظم الطلاب في أسرتهم ووقع عدد كبير من الجرحى. بعدها انتشر الإخوان وحاولوا السيطرة على مدينة حماة. وتصاعدت عملية الاغتيالات لمسؤولين حكوميين بالمدينة، ووقع الكثير من الصدامات المسلحة. وفي ضحى أحد الأيام، صدرت من مآذن جوامع كثيرة في أحياء المدينة، دعوة للتمرد والعصيان وقتل أعضاء حزب البعث وتحرير المدينة من النظام الحاكم، ودعت الأهالي إلى حمل السلاح والجهاد. وبدئ برمي كميات كبيرة من السلاح في شوارع المدينة وفق تخطيط يظهر أنه مسبق، وبعد مهاجمة مجموعات مسلحة من الإخوان مراكز السلطة في المدينة، وخاصة المقرات الأمنية، وأضرمت فيها النيران، قتل من كان فيها وجرح عناصر الأمن، وقطعت الطرق المؤدية إلى حماة من قبل المسلحين الإخوان. وخلال يومين أخضعت المدينة للإخوان المسلمين.