قاسية هي الحياة عندما يطول الانتظار وراء جدار الصمت، وتفرح بغدٍ مجهول لا تعلم منه شيئًا، ولا ترى شيئًا غير أقنعة الزيف. وتُسدل ستار صمت الحملان في سجال عنيد مع النفس. تردد شعرًا بلهجات غجرية. تداعب النجوم بنظرة خائف مترقب. تتحين فرصة انفراج سجن الذات، كالأعمى الذي ينتظر نور الصباح. وقد سقيت التراب دمعًا حتى استوحلت كل أراضيك. وذهبت كل أحلامك أدراج الرياح. تترنم بأغنية الوداع قبل اللقاء. يصعب عليك التكهن بربيع عمر تساقطت ثماره وأوراقه، ومن المستحيل عليك ان تقيم غصنًا انحنى مع الزمن. وجوهًا ضبابية بلا ملامح، وبقايا شواطئ يداعب عطرها جسد الليل الحزين. رحلت ألوان الطيف التي كانت تزين السماء. وما أقسى ألا تعرف قرص الشمس إلاّ عند الإعصار القادم. ما أصعب أن تشاهد الليل والنهار وكل الكون من نوافذ ضيّقة، وثقوب حزينة، وكم هو محبط أن ترى الزمن محاصرًا في مساحة واحدة. ما أسوأ أن ترى زوايا المدينة والقرية أصبحت بلهاء ضيقة. ما أصعب أن تغني لحنًا حزينًا عند الغروب. وتمد يدك من على طاولة الزمان متشبثًا بطيف سراب ليس له وجود. تسير وراء حلم مجهول وابتسامة بين الدموع. وتضيع رائحة الأمل في اصطياد الضوء. ما أقبح لحظة تسلل اليأس إلى داخل الأوردة، ورعبًا يُمزِّق روح الأمل. فالفكر أصبح عقيمًا، واليأس أصبح صديقًا ورفيقًا. والدموع هي السبيل الوحيد، فالأماني أضحت كالملح المذاب. ما أتعس أن تعيش بين الخبثاء، وابتسامة صفراء، وضياع الأوفياء.. وما أجمل لحظات الماضي وجلسات ساعة الغروب على صخرة على ضفاف البحر لتشكو الهموم، وتناظر لقرص الشمس وهي تغوص في صدر البحر. ما أروع لحظة الشروق وأنت تنظر لخيوط الشمس، وقد امتدت تعانق قمم الجبال. ما أجمل براءة الماضي وأنت ترسل الفرحة لكل القلوب، وترسم البسمة على كل الشفاة، وتهدي الحب لمن كان في الوجود، ما أروع الماضي وأنت تلاحق الفراش بين الزهور والحقول، وتسامر القمر ليلاً والنجوم. وما أحلى الماضي وتلك الدروب التي كانت تضيء بالشموع. فكيف لك ان تعكس صورة الماضي في مرآة الحاضر؛ وقد ولى ربيع العمر، وهرولت السنون مسرعة، وتبدل الليل بليل سرمدي لا تعرف فيه الزمن غير تعاقبه على عقارب ساعتك. آهات وحسرات، وألم وحزن وجروح غائرة. فما عليك إلا أن تلملم أوراق شتات السنين، وتكتب الكلمات لمن يقرأها، وتبقى الحياة هي الحياة، مجهول في مجهول، وابتسامة بين الدموع. حسين أحمد الالمعي - رجال ألمع