من الواضح اتساع مساحة حُرية الرأي التي توفّرها المؤسسات الصُّحفية، عبر المواقع الإلكترونية لصُحفها، وإعطاؤها مشاركات القُرّاء اهتمامًا غير مسبوق، بهدف التفاعل معهم، ورصد قضايا المجتمع وردود أفعال أفراده. لكن من الملاحظ تفاوت المساحة المتاحة للتعليقات في المواقع المختلفة للصحف السعودية، ومدى نشرها آراء القُراء، انعكاسًا لمدى الحظْر الذي يُمارسه المراجعون على تلك التعليقات، تماشيًا مع سياسات الصُّحف، ورؤية مسؤوليها للخطوط الحمراء من: آراء وانتقادات ومطالبات وتساؤلات، بعضها بأسلوب مقبول، وبعضها بأسلوب قد يتنافى مع أصول الأدب، أويسبب إحراجًا لبعضهم في حال نشرها!!. لا أزعم معرفتي بكواليس مراجعة تعليقات القُرّاء قبل نشرها، ولا أعلم المعايير التي تتبعها الصُّحف في إجازتها لتلك التعليقات، لكن من الواضح استياء بعض القرّاء من تجاهل نشر تعليقاتهم، واتجاههم بالنتيجة إلى التعليق في صُحف إلكترونية ومواقع أخبار مختلفة، تتمتع بمساحة حُرّية أكبر، تسمح بإبداء وجهات النظر ونشر الآراء، دون تعرّضها لمقصّ الرقيب، إلا في حالات احتواء بعضها على تجاوزات أخلاقية من المعيب قولها، فضلا عن نشرها. ولعلّ اتجاه كثيرين لمواقع الأخبار والصُّحف غير التقليدية، يأتي نتيجة تأثر مصداقية بعض الصُّحف الورقيّة بحظْرها نشر تعليقات قد لا تتماشى مع توجهاتها، في الوقت الذي تنشر تعليقات لا يحتوي بعضها على فكرة ولا معنى، ولا تطرح تساؤلات أو انتقادات مُتّزنة، إلا بشكل خجول، لا يخلو بعضها من مدح في غير محله، أو سُخف ممجوج. من الضروري -في رأيي- مراجعة المعايير التي يعتمدها مراجعي التعليقات في إجازة نشرها، والتأكيد على احترام وجهات نظر القُرّاء، ونشر مطالباتهم وهمومهم برحابة صدر وبشكل أقلّ تعقيدًا، لتُشارك بصورة أفضل في حلحلة القضايا الاجتماعية، وعلاج المشكلات العالقة، وألا تترك السّاحة لمواقع التواصل الاجتماعي (كالفيس بوك وتويتر) والصُّحف الإلكترونية لتتسيّدها، وتجتذب جمهورها بعيدًا عنها، نتيجة إحباطاتهم من عدم إشباع حاجاتهم الاجتماعية والثقافية منها.!! [email protected] [email protected]