قفزت قضية "العدل" بمفهومها الشامل في الفكر الإسلامى على سجالات الفضاء لاثنين من أبرز المفكرين المعاصرين، وهما العلامة عبدالله بن بيه والمفكر التونسي أبو يعرب المرزوقي. وبينّ العلامة ابن بيه في برنامج" الشريعة والحياة " الذي تبثه قناة الجزيرة أن العدل سبب من أسباب النصر وقال:" لعل مقولة شيخ الإسلام بن تيمية إن الله ينصر الدولة الكافرة إن كانت عادلة فهو يتحدث عن النصر لأن أسباب النصر بالنسبة للمسلمين تعتمد على عدالتهم في الأرض، فإذا لم يعدلوا في الأرض استووا مع غيرهم في جانب من جوانب الخروج والإخلال للسنن الكونية وهي سنة العدل". وتطرق إلى اجتهادات الشيخ تقي الدين بن تيمية حول العدل حيث ذكر أن الشريعة عدل كلها ورحمة كلها وحكمة كلها فما خرج عن العدل الفوري وعن الحكمة إلى العبث وعن الرحمة إلى ضدها فليس من الشريعة. وذكر أن حديث أبن تيمية فيه تنفير من الظلم لكن ليس معنى ذلك دائما أن الكفر خير من الإيمان، والإيمان خير من الكفر لكن العدل خير من الظلم أيضا فالكافر إذا طبق العدل فإنه طبق جزءا من شريعة الإسلام لقول النبي صلى الله عليه وسلم "اذهبوا إلى ملك لا يظلم عنده أحد" ولم يكن النجاشي في ذلك الوقت مسلما، وكذلك أشار بن بيه إلى أن كل خصلة حميدة يزكيها الإسلام سواء صدرت عن مسلم أو عن غير مسلم، وضرب مثالا بذلك بأن النبي الكريم أشاد بحلف الفضول في دار بن جدعان وقال "لو دعيت إليه لأجبت" حيث أن الحلف كان لنصرة المظلومين في مكة والذين تحالفوا كانوا مشركين. وعلى الجانب الآخر، أوضح المفكر أبو يعرب المرزوقي أن فقدان العدل يسبب الاستبداد، وقال:" في الحقيقة ينبغي أن ننطلق من تعريف العدل باعتباره ضد الظلم وضد الجور، والعدل فلسفيا يمكن أن يكون متعلقا بالتوزيع أو متعلقا بالتعويض، والتوزيع، كما هناك العدل الذي يتعلق بالبعد الاقتصادي والاجتماعي ". وأشار إلى أن فقدان العدل بمعنى المساواة في الحقوق والواجبات كان سببا في اشتعال الثورات الشعبية في بعض البلدان العربية، داعيا إلى تحقيق العدل بالمعنيين بالمعنى التوزيعي أي تمكين المواطنين من الحصول على حقوقهم والقيام بواجباتهم. وأكد أن المساواة ليست مساواة كمية وإنما هي مساواة كيفية الحصول على الحقوق.