وزارة العمل وراء الأزمة في البداية أوضح المهندس عبدالله بكر رضوان رئيس لجنة المقاولين والخرسانة الجاهزة في غرفة جدة أنّ الدور التنفيذي لوزارة العمل في استقدام العمالة الأجنبية خلق نوعًا من عدم المرونة في بعض الإجراءات التي تحتاج إلى تنسيق أكبر بين القطاعات المعنية بالأمر، مشيرًا إلى أنّ رجال الأعمال وطالبي العمالة المتخصّصة من جنسيات بعينها، يصطدمون بعدم قدرتهم على تغيير جنسية أي من العمال المدرجين في خطابات التعميد أو التأييد التي يصل بها صاحب العمل إلى الوزارة. واوضح أن عدم توافر العمالة في بلد ما نتيجة لظروف البلد أو لوجود الكفاءة المطلوبة في بلد دون آخر، أوجدت مشكلة من شأنها أن تقود البعض إلى تسريب بعض التأشيرات وبيعها والبحث عن البديل من خلال ماهو معروض بشكل غير قانوني. واوضح أنّ الطفرة التي تعيشها المملكة في المشروعات الخاصة بالبنية التحتية سواء في إنشاء المدن الجديدة أو تطوير المدن والمحافظات أوجدت حاجة لاستقدام أعداد مضاعفة من العمالة الأجنبية، مشيرًا إلى أنّ وجود قاعدة بيانات خاصّة بكل وافد من خلال نظام البصمة قد يخلق نوعًا من الانضباط ويحدّ من التسيّب ومن ثم العودة إلى المملكة بطرق ملتوية. وأشاد رضوان بنظام نطاقات الذي حدا بأصحاب العمل إلى الحرص على الانضباط في عدد العمالة وفي نسبة السعودة، مطالبًا بتقنين عدد التأشيرات الممنوحة لكل مشروع بحيث تتم عبر دفعات تعتمد على حاجة المشروع الوقتية إلى العمّال، واشار إلى أن منح التأشيرات دفعةً واحدة من شأنه أن يخلق نوعًا من التسيّب لأن صاحب المشروع قد يستغني عن بعض العمالة في مراحل معينة من مشروعه وفقًا لكل مرحلة. وأكد أن كبريات الشركات لا تكون المشكلة لديها كما هو الحال لدى الشركات الصغيرة. ودعا الى تفعيل دور شركات توريد العمالة بحيث يكون دور مكتب العمل رقابيًا وإشرافيًا على هذه الشركات وسوق العمل بشكل عام مبينًا أن شركات توريد العمالة يجب أن تكون هي المسؤولة أمام الوزارة عن العمّال المدرجين تحت اسمها بحيث تقوم بتأجير العدد المطلوب من خلال حاجة المشروع إلى العمّال وإلى التخصّصات والشروط التي يرغبها رجل الأعمال. 15 ألف ريال للتأشيرة من جانبه أكّدعلي حسن القرشي عضو لجنة مكاتب الإستقدام في غرفة جدة أنّ بعض المؤسسات الكبرى والشركات تحصل على عدد من التأشيرات تفوق حاجتها بينما لا تحصل بعض المشروعات الأخرى على العدد الكافي كالمطاعم وغيرها، مؤكّدًا أنّ هذا الامر مخالف للتّوجه الذي تنادي به اجتماعات مجالس الغرف التجارية وشباب الأعمال وغيرها من الجهات المنسجمة مع مطلب الحكومة في دعم المشروعات المتوسطة والصغيرة، وقال إن هذا التناقض أدى إلى انتعاش سوق تجارة التأشيرات بمبالغ تختلف من جنسية إلى أخرى ومن تخصّص إلى آخر وفق حاجة صاحب العمل وبمبالغ تصل إلى 15 ألف ريال للتأشيرة الواحدة، وأضاف أنّ هذه السوق السوداء أدت إلى ابتزاز العمالة الوافدة وتكبدها مصاريف نقل الكفالة والتسجيل وغيرها من الرسوم الإدارية بمبالغ مضاعفة. وطالب بتفعيل عمل شركات الاستقدام بشكل صارم وفق الشروط والأنظمة التي ترسمها وزارة العمل بحيث تكون هي الجهة المسؤولة والتي يلجأ إليها صاحب العمل عند طلب التأشيرات التي يحتاجها، ودعا المسؤولين الى النظر باهتمام أكبر في تلبية رغبات المواطنين في استقدام العمالة المنزلية وإيجاد حلول سريعة للمشكلات القائمة. ارتفاع أجرة العمالة من جهته أكّد الدكتور علي حبيب العلق الأستاذ المساعد بقسم الإدارة المالية والاقتصاد بكلية الإدارة الصناعية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن على ضرورة إيجاد خطة استراتيجية تحدّ من ارتفاع أسعار البناء والتشييد مشيرًا إلى أنّ تكلفة البناء زادت بشكل ملحوظ لارتفاع اجرة العمالة، وقال إن نظام نطاقات الذي تخضع له كافة المؤسسات والشركات بحاجة لإعادة النظر في تطبيقه وتصنيفه من خلال نوعية المشروعات وحاجتها إلى السعوديين، مؤكدًا أنّ أصحاب الشركات والمشروعات المتوسطة والصغيرة يجدون صعوبة في الحصول على التأشيرات مما يضطر بعضهم إلى اللجوء إلى العمالة السائبة والتي أثّرت سلبًا على جودة التنفيذ، واوضح أن الهدف الذي قام عليه نظام نطاقات لإحلال السعوديين مكان العمالة الوافدة وقف عائقًا في إستصدار التأشيرات لوجود مجالات لا يشغلها السعوديون حاليًا بالأعداد المطلوبة كالنجارة والسباكة وغيرها، واشار إلى أنّ ظاهرة الإتجار بالتأشيرات تأتي ضمن المساوئ التي خلفها وجود العمالة السائبة والتي تعدّ السبب أيضًا في تحول مشكلة المؤسسات الوهمية إلى ظاهرة يجب الوقوف عليها والعمل على الحد منها. وأضاف العلق أن الضوابط التي يتم من خلالها الحصول على التأشيرات يمكن أن تكون سببًا في حل المشكلة وفي زيادتها وتفشيها أيضًا، مشيرًا إلى وجود عدد من الشركات الوهمية والتي يملكها سعوديون اسميًا فقط بينما يتركون إدارتها والعمل عليها لمجموعة من العمالة الوافدة؛ واوضح ان هذا الوضع يؤدى الى بروز عدد من التكتّلات التي تؤدي إلى منافسة أصحاب المشروعات الحقيقية بما يضر الإقتصاد الوطني بشكل عام، مبينًا أن لهذه العمالة السائبة تأثير على رجال الأعمال السعوديين في منافستهم وفي الحصول على العقود وتنفيذ المشروعات عوضًا عنهم. مكافأة للمتعاونين في ضبط المخالفات من جهته قال مدير الموارد البشرية سابقًا ومدير العلاقات العامة والإعلام بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن محمد بن عبدالله الشهري إنّ تأثيرات التقنيّات الحديثة في مجال التوظيف لا تقتصر فقط على حجم العمالة وبنيتها المهنية وسوق العمل ولكنها تشمل أيضًا وبصورة أساسية نوعية العمل، خصوصًا فيما يتعلق باعتماد الأنواع المرنة للعمالة ذات الطابع التعاقدي مؤكّدًا أنّ أسواق العمل في الدول المتقدّمة والدول النامية على حد سواء ستصبح بذلك أكثر مرونة في ظل اقتصاد المعرفة. وأضاف أن الاستثمار في رأس المال البشري من شأنه أن يحوّل الثروات من مجرد كميات نوعية إلى طاقات إبداعية وتقنيّة ذات إسهامات فاعلة متنوّعة في تحقيق تقدّم الأمم والشعوب. وطالب الشهري بإصدار عقوبات رادعة على كل من يتاجر بالتأشيرات ومن يسهل عملها غير المشروع وأن تدفع مكافآت لمن يبلغ عمن يتاجر بالعمال داخل البلد، وقال: «رغم ما تتبنّاه المملكة من سياسات تستهدف التوسَع في توظيف العمالة الوطنية وإحلالها -على نحو متواصل- محل العمالة الوافدة، إلا أنّ الأرقام تشير إلى وجود خلل في عملية إدارة تنمية الموارد البشرية مما يؤثر سلبًا على العائد الاقتصادي المحقق من الاستثمار في رأس المال البشري»، وأضاف: «مشكلة التأشيرات والمتاجرة بها هي أم المشكلات في المملكة، وهي جريمة كبرى تصل إلى خيانة البلد، لما لها من أثر أمني واقتصادي على المملكة». وطالب بالموازنة بين حاجة المجتمع للأيدي العاملة وبين تحقيق برنامج السعودة الطموح، إلى جانب الحد من «تجارة التأشيرات»، والعمالة المخالفة. وأبدى الشهري قلقه من تزايد قراصنة التأشيرات في سوق العمل والذين عادوا وبقوة إلى النشاط في الآونة الأخيرة عبر طرق مبتكرة وأكثر إجرامية، معتمدين في المقام الأول على اختراق الأنظمة الإلكترونية الجديدة الواجب اتباعها لاستقدام العمالة في الجهات الحكومية بالإضافة إلى التزوير والسرقة وانتحال شخصية عدد من المواطنين والمؤسسات التجارية. ويخشى الشهري تفاقم المشكلة لتنطبع في ذهن العامل الوافد بأن النظام في المملكة ليس قويًا وأن كل جهة حكومية تعمل في جانب بعيد عن الأخرى، مبديًا أسفه من وجود اختراقات للأنظمة المتعلقة بالجوازات واستقدام العمال وخاصة الجديدة منها، واكد أنّ هذا التشتّت جعل تلك العمالة تشكّل قوةً ضاربةً تتلاعب بالأسعار ورفع تكلفة المعيشة. واقترح الشهري تعديل نظام الكفيل، معلّلًا ذلك بإسهام النظام في زيادة العمالة غير الفاعلة بالإضافة إلى أنّه هو المدخل لتجارة التاشيرات من خلال بروز مؤسسات وشركات وهمية تقوم بطلب تأشيرات تتكسّب منها بصورة غير شرعية ونتيجتها نشر عمالة غير مفيدة في البلد، وطالب بأن يكون التعامل من خلال مبدأ العقود مع العامل من بلد المنشأ بحيث لا يعمل إلا لتلك الجهة. كما طالب بإيقاف الاستقدام لسنتين إلا للشركات الكبرى التى يؤثر وجودها على اقتصاد البلد بشكل مباشر، وكذلك إيقاف استقدام بعض المهن أسوة باغلاق بعض التخصصات الجامعية التى صار فيها اكتفاء وأدت إلى زيادة البطالة.