شعرت بوابل من الأسئلة الكبريتية تتساقط على مخيلتي و أنا أقرأ خبرا نقله الزميل المتألق هليل المزيني عن المتحدث الرسمي لشرطة جدة ، يقول الخبر : أوهم جانٍ وافد في العقد الرابع من عمره عدداً من رجال المال والأعمال في جدة بقدرته على استيراد عطور و ماكياج وملابس وأحذية لهم فحصل منهم على ما يقارب المائة مليون ريال ( مائة مليون ريال يا جماعة يا تجارة يا هيئة فساد ) وبمجرد استلامه المبالغ منهم لم يجدوا له أثرا ، ولم يف بالتزاماته لهم. فسجلوا لدى شرطة المحافظة بلاغات ضده تم على إثرها تكليف شعبة البحث الجنائي بالتعاون مع شرطة الشمالية بتتبع الجاني من خلال المعلومات المبلغة عنه وتضييق الخناق عليه قبل أن يتمكن من مغادرة البلاد إلى أن تم ضبطه في حي الفيصلية وإيداعه التوقيف إلى حين اكتمال التحقيقات وإحالة ملفه إلى الجهة المختصة. و الحمد لله أن مكن من هذا المحتال المجرم ولو إن القبض عليه لا يعني أبدا استعادة الأموال التي ( هبشها ) ، لكن الخبر يحتوي على ما هو أكبر و أخطر من مجرد مغبة الثقة في أشخاص ليسوا أهلاً لها ، و يلفت إلى قدرة المحتالين على التحايل و قبض مبالغ ضخمة دون أن يكون في سياستنا المالية و ضوابطنا التجارية ما يقي من حدوث مثل هذا التحايل ، يلفت إلى استهتار التجار و تبديد المال و تقديمه لأشخاص مشبوهين قد يكونون أعضاء في تنظيمات إرهابية و يمولون أعداء الوطن ، يلفت إلى أننا في فوضى من أمرنا و تخاذل عن مباشرة أعمالنا بأنفسنا و أن تجارة الاستيراد تعج بالمحتالين الذين إن لم يسرقوا المال من التاجر سرقوه من المواطن بعد أن يغرقوا بلدنا بالبضائع المغشوشة و المقلدة و المواد السامة و المسرطنة ، يلفت إلى أن لدى كثير من التجار قدرات مالية هائلة لو استثمروها في أبناء وطنهم لفادوا و استفادوا لكنهم يبقون مأخوذين بالربحية السهلة و الاتكالية و الثقة بالوافد أكثر من أبناء البلد ، و لو قيل لهم ساهموا بمائة مليون لإقامة مصنع وتشغيل ثلاثة آلاف شاب و سيكون دخل المصنع ثلاثة أضعاف لتفلتوا و نأوا بجانبهم و بحثوا عن وافد يعمل تحت أسمائهم فيسرقهم أو يسرق وطنهم و مواطنيهم . [email protected]