كل عام وأنتم بخير.. وأعاد الله عليكم مناسبة عيد الفطر المبارك أعواماً عديدة وأنتم بصحة وسعادة، وفي الوقت الذي نتفيأ فيه بظلال الأمن في هذا البلد الأمين نتيجة أواصر العلاقة والتلاحم الذي يربط الشعب بقيادته الحكيمة، إلاّ أنّ الأحداث التي مرّت بأشقائنا في بعض الدول المجاورة الشقيقة، ك(العراق وسوريا واليمن) قد أفسدت علينا فرحة العيد، حيث شهدت بلدانهم مجازر تم ارتكابها بحق مدنيين أبرياء عزّل، تقتنصهم طائرات ومدافع إخوة لهم في الدين والوطن، وشرّدتهم إلى الدول المجاورة بحثاً عن الأمن والغذاء والكساء، وكان صعباً علينا ونحن -بحمد الله- بعيدون عن تلك الأحداث، أن نقرأ بأنّ أهالي (كفر نيل) في سوريا يهنئون بعضهم البعض بجملة ما كُنّا نود أن تصل إلى ذلك الحد، يُردِّدون على مسامع كل من يلتقيهم عبارة: "كل قذيفة وأنت بخير"، وعلينا أن نعذرهم، فالسلامة من قذائف (الميج) ونيران الدبابات المجنزرة تدعو إلى التهنئة. مأساة كبرى أن ينصب أطفال سوريا مراجيح العيد على (سبطانات) المدفعية التي دكّت فوهتها بيوتهم، وأماكن لعبهم، وأن يتأرجحوا على ظهور مدافع أودت بحياة عائلي أسرهم وأقربائهم وجيرانهم، فمن المفارقات العجيبة أن تنفق الحكومة السورية (مليار يورو) شهرياً تكلفة حربها على مواطنيها، ودمار بنيتها التحتية، ولا تتجه لإنفاق تلك المبالغ الطائلة التي صُرفت منذ اندلاع الثورة في بناء ونماء سوريا والحفاظ على أرواح شعبها. كما لا يبعد أطفال العراق الشقيق عن أقرانهم السوريين كثيراً، غير أنهم تعايشوا مع مظاهر القتل والتدمير والتفجير، ولذلك تعوّدوا على أن ينفقوا المبالغ التي يحصلون عليها ك(عيدية) في شراء ألعاب السلاح بعد أن استشرت ثقافة العنف في مخيلاتهم، ويقول أحد البائعين في حديث لإحدى الصحف: "إنّ معظم أطفال العراق يشترون ألعاب السلاح، خصوصاً في أيام الأعياد، متأثّرين بأحداث العنف التي يشاهدونها، ويحاولون عبرها التشبُّه برجال (المارينز) الأمريكيين، وجنود الأمن العراقيين". شهر رمضان، والمعروف عنه بأنه من الأشهر الحرم، لم يردع دعاة الإرهاب، ولم يحثهم على عمل "هدنة" مع أبناء شعوبهم فيحقنوا دمائهم، فمن الأبرياء من قضى نحبه على يد مسلمين وهم على موائد الإفطار في الشهر الحرام، ومنهم من عاجله الأجل وهو بثياب العيد، قاتلهم الله، وكل سنة وأنتم طيبين. [email protected]