أتعس عضلة يمكن للبعض استعراضها هي لسانه ، فيتهاون في إطلاق العنان لها و لما يقوم مقامها كأقلامهم و أشعارهم و تغريداتهم ، فيفيض منها الكلام القبيح كفيض الصديد من الأورام ، رغم ما ورد في القرآن الكريم و السنة النبوية المطهرة من تحذير من حصائد الألسن و أنها قد توقع صاحبها في التهلكة في الدنيا و الآخرة ، فقد حفظ الله – جل و علا – للمؤمنين أعراضهم و غلظ العقوبة على من يمسها ، فجعل قذف المحصنات من الموبقات المهلكات و جعل الواقعين في هذا الفعل القبيح ملعونين في الدنيا والآخرة مردودي الشهادة و أقر عليهم حكم الجلد ، تعظيما لهذه الجريمة و تغليظا لعقاب مرتكبها ، قال تعالى : " إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون " وقال تبارك وتعالى (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) وجاء في الحديث (اجتنبوا السبع الموبقات - يعني المهلكات - قلنا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات) و عن رسول الله أنه قال إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب ، فقال له معاذ بن جبل يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال صلى الله عليه و سلم : ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يُكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم ؟ وقال عليه الصلاة و السلام : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت " وقال عقبة بن عامر يا رسول الله : ما النجاة ؟ قال عليه الصلاة و السلام : أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابكِ على خطيئتك وإن أبعد الناس إلى الله القلب القاسي وقال : " إن أبغض الناس إلى الله الفاحش البذيء " الذي يتكلم بالفحش ورديء الكلام . و رغم هذه التحذيرات المتكررة ورغم قبح هذا الجرم حيث لا يمدح عليه مرتكبه ولا يراه الناس إلا لئيماً مستهتراً يتوقع انتقام العزيز الجبار منه ووقوعه بشر ظنونه و جريرة لسانه الآثم إلا أن البعض يقدم على ارتكابه إقدامه على الصلاة و كأنها مضمار فخر أو سباق للفضائل ، فهل آن لهؤلاء الغافلين عن الهدي النبوي أن يقلعوا و يكفوا عن أعراض المسلمين قبل أن يحل عليهم غضب الله و سخطه ، و قبل أن تتساقط عليهم اللعنات في الدنيا و الأخرى ؟ [email protected] [email protected]