أن يتورط الجيش النظامي السوري في ارتكاب المذابح وجرائم الحرب أثناء الصراع الدائر في سوريا، فهذا أمر متوقع ومنتظر ولا يشكل أية صدمة على اعتبار أن مثل هذه السلوكيات الإجرامية تظل مألوفة عندما تقوم بها الأنظمة الديكتاتورية. أما أن يقوم البعض من المعارضين للحكم الديكتاتوري والثائرين ضد الاستبداد والظلم والفساد بمشاركة النظام في ارتكاب جرائم الحرب، فهذا ما يصعب توقعه أو فهمه أو تقبله. آخر تقرير صادر عن الأممالمتحدة بخصوص الوضع في سوريا، اتهم القوات النظامية وقوات المعارضة معا بارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان ارتقت إلى مستوى جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية! إنها صدمة كبرى وخيبة أمل عظيمة تجعل المرء يخاف على مستقبل سوريا في حال بقاء النظام وفي حال زواله معا. القتل والإجرام أصبحا سيد الموقف، لا فرق بين نظام ديكتاتوري متمسك بالسلطة حتى آخر رمق، وبين معارضة يشكل الانتقام الجزء الأكبر من دوافع بعض المنتمين لها . وسط هذا المناخ القاسي الذي أفرز حالة من العدوان الهستيري والعدوان الهستيري المضاد، يدفع الشعب السوري وحده ثمن هكذا صراع لا رحمة فيه ولا شفقة ولا قيم ولا أخلاق. لكن الأسوأ من كل ذلك، أن جميع المؤشرات تنذر باستمرار حالة العنف والاحتكام للسلاح وقتل المدنيين واستهدافهم بناء على ميولهم السياسية وانتماءاتهم الطائفية. وهو ما ينذر ليس فقط باستمرار الأوضاع على ما هي عليه، بل بتدهورها وتحولها إلى ما هو أسوأ مما نشاهده اليوم. هل تصبح سوريا عراقا آخر وجرحا عربيا جديدا من تلك النوعية من الجراح التي يصعب أن تلتئم في المستقبل المنظور؟ هذا ما أخشاه وأتوقعه. [email protected]