ما أسرع ما غادرنا رمضان الحبيب ، و ما أكثر ما فرطنا في جنب الله فيه ، و ما أشد لوعتنا لفراق شهرنا ، رحل رمضان العظيم و كثير من نوايا الإحسان بقيت مؤجلة ، و لم يفسح لها انشغالنا و لهونا أن تصل لموازيننا ، رحل شهر الرحمة و المغفرة و العتق من النيران و لعل رحمة الله التي وسعت كل شيء أن تسعنا و تدركنا ، نلوح لشهرنا الكريم بالوداع الحزين و الأمل الولهان بلقائه أعواما عديدة و أزمنة مديدة ، يتركنا رمضان و قلوبنا ترف ضعفا و شغفا و تقصيرنا في استثماره يكوي ضلوعنا حسرة على فواته ، هذا الشعور المتجدد في وداع رمضان جدير بصناعة الفرق بين ما قبل رمضان و ما بعده ، و حقيق أن يغير الحياة و يقوم السلوك ، ليصبغ الحياة بعده بصبغة جديدة ، صانعا ثقافة العيد التي ينبغي أن ننشرها و نفعل العمل بها ، لترتدي أيامنا القادمة ثياب العيد ويصبح العيد عيدا حقيقيا ، فما أجمل أن لا نحبس العيد في ملابسنا فقط ، و ألا نحجمه في الحلوى و أن نسمح له بالانتشار في أرواحنا و أن نغرس رياحينه في كل مكان حولنا ، فنمد رمضان و خيره إلى رمضان القادم ، بدءا من تهاني العيد و حلوى العيد ، فنجعل العيد مناسبة للتواصل مع ذوي أرحامنا الذين قاطعناهم طويلا و جيراننا الذين لا يشعرون بجيرتنا ، و أن نحسن في مشاركة حلوى العيد فئات ننساها و نحن لا نستغني عنها ، كعمال النظافة المشغولين في نشر الجمال في شوارعنا ، و ما أسمى أن نرافق أطفالنا ليقدموا حلوى العيد لذوي الاحتياجات الخاصة و المرضى و المسنين ، ففي العيد عصافير إحسان كثيرة لا ينبغي أن تبقى رهينة الأقفاص و هي ترفرف بحثا عن سماء تتسع لخفقها . جبر الله كسرنا في فراق شهرنا و جعل أيامنا أعيادا حافلة بلباس التقوى و حلاوة الإيمان و مظاهر الإحسان ، و كل عام و كل مسلم من الله أقرب و له أتقى ، و كل عام و خير أمة أخرجت للناس خير أمة فعلا . [email protected] [email protected]