عاش عبدالله عوض إبراهيم من السودان في المملكة أكثر من عشرين سنة نقل خلالها بعض العادات والمأكولات السودانية إلى المملكة، وكذلك العكس فتعرفنا على أجوائه الرمضانية في السودان وفي المملكة من خلال هذا التقرير... يبدأ الاحتفال بشهر رمضان عند أهل السودان قبل مجيئه بفترة طويلة؛ فمع بداية شهر شعبان تنبعث من المنازل السودانية رائحة (الابري)، وحالما يتم الإعلان عن بدء شهر الصوم، تبدأ المساجد في إضاءة المصابيح الملونة على المآذن والأسوار، وتظل الأضواء الخاصة طوال ليالي رمضان، كما تبدأ المدافع في الانطلاق عند كل أذان مغرب، معلنة حلول موعد الإفطار، وقبل الفجر للتنبيه على الإمساك عن الطعام والشراب وسائر المفطرات. ومع حلول موعد الإفطار يتم شرب الآبري، وكذلك شراب الآبري الأبيض، وعصير المانجو والبرتقال والكركدي وقمر الدين. أما المائدة الرمضانية السودانية فتتم على بسط من سعف النخيل مستطيلة الشكل، يصطف الناس حولها صفين متواجهين ويبدأ الإفطار بتناول التمر ثم البليلة، ثم يتبع ذلك عصير الليمون إذا كان الجو حارًا، أو الشوربة إذا كان الجو باردًًا وتلي ذلك الوجبات العادية، وأشهرها الويكة، والقرَّاصة، والعصيدة. وأهم ما يلفت الانتباه عند أهل السودان خلال هذا الشهر الكريم ظاهرة الإفطار الجماعي، حيث تُفرش البُسط في الشوارع إذا كانت متسعة أو في الساحات العامة ويتم الإفطار عليها. أما السودانيون في السعودية فيجتمعون بأهليهم أو بأبناء جلدتهم في بيت العائلة، ويساعد بعضهم بعضًا في إعداد الطعام والشراب وهذا يشعرهم بالمحبة وصلة الأرحام. وبعد الافطار يكون هناك متسع كبير من الوقت لمناقشة الأمور العائلية، واجتماع من فرقتهم الأيام والظروف، وبعد انتهاء يوم العائلة يأتي يوم الجمعيات السودانية وهم الرجال الذين يسكنون في جماعات بعيدًا عن زوجاتهم وأولادهم، وهنا يأتي دور القبائل حيث تخصص عددا من الأيام في شهر رمضان لاستقبالهم وتجتمع كل قبيلة لتحضير مختلف الأنواع من الأكلات السودانية الشعبية التي من خلالها يشعرون بالارتياح لأنهم عند أهلهم، وهذا أجمل ما يكون في هذه الاجتماعات، ومن أروع الأمور اجتماع عدد من العائلات في الاستراحات وإحضار كل عائلة للعديد من أصناف الأكل والشرب، ويكون اجتماع الأطفال مع بعضهم واستمتاعهم ولعبهم خاتمة سعيدة ليوم جميل.